تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٤٩
وفي الآية وعد المؤمنين بالغلبة والظفر إن أطاعوا الله ورسوله فهي كقوله: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) آل عمران - 139.
قوله تعالى: (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم) ترغيب لهم في الآخرة وتزهيد لهم عن الدنيا ببيان حقيقتها وهي أنها لعب ولهو - وقد مر معنا كونها لعبا ولهوا -.
وقوله: (وإن تؤمنوا) الخ، أي إن تؤمنوا وتتقوا بطاعته وطاعة رسوله يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم بإزاء ما أعطاكم وظاهر السياق أن المراد بالأموال جميع أموالهم ويؤيده أيضا الآية التالية.
قوله تعالى: (إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم) الاحفاء الاجهاد وتحميل المشقة، والمراد بالبخل - كما قيل - الكف عن الاعطاء، والأضغان الأحقاد.
والمعنى: إن يسألكم جميع أموالكم فيجهدكم بطلب كلها كففتم عن الاعطاء لحبكم لها ويخرج أحقاد قلوبكم فضللتم.
قوله تعالى: (ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل) إلى آخر الآية بمنزلة الاستشهاد في بيان الآية السابقة كأنه قيل: إنه إن يسأل الجميع فيحفكم تبخلوا ويشهد بذلك أنكم أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله - وهو بعض أموالكم - فبعضكم يبخل فيظهر به أنه لو سأل الجميع جميعكم بخلتم.
وقوله: (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه) أي يمنع الخير عن نفسه فإن الله لا يسأل ما لهم لينتفع هو به بل لينتفع به المنفقون فيما فيه خير دنياهم وآخرتهم فامتناعهم عن إنفاقه امتناع منهم عن خير أنفسهم، واليه يشير قوله بعده: (والله الغني وأنتم الفقراء) والقصران للقلب أي الله هو الغني دونكم وأنتم الفقراء دون الله.
وقوله: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) قيل: عطف على قوله: (وإن تؤمنوا وتتقوا) والمعنى: إن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم وإن تتلوا وتعرضوا يستبدل قوما غيركم بأن يوفقهم للايمان دونكم ثم لا يكونوا أمثالكم بل يؤمنون ويتقون وينفقون في سبيل الله.
(٢٤٩)
مفاتيح البحث: سبيل الله (3)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست