تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٤٨
يغفر الله) لهم ظاهر السياق أنه تعليل لمضمون الآية السابقة فيفيد أنكم لو لم تطيعوا الله ورسوله وأبطلتم أعمالكم باتباع ما أسخط الله وكراهة رضوانه أداكم ذلك إلى اللحوق بأهل الكفر والصد ولا مغفرة لهم بعد موتهم كذلك أبدا.
والمراد بالصد عن سبيل الله الاعراض عن الايمان أو منع الناس أن يؤمنوا.
قوله تعالى: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) تفريع على ما تقدم، وقوله: (فلا تهنوا) من الوهن بمعنى الضعف والفتور، وقوله: (وتدعوا إلى السلم) معطوف على (تهنوا) واقع في حيز النهي أي ولا تدعوا إلى السلم، والسلم - بفتح السين - الصلح، وقوله: (وأنتم الأعلون) جملة حالية أي لا تفعلوا الصلح، وقوله: (وأنتم الأعلون) جملة حالية أي لا تفعلوا ذلك والحال أنكم الغالبون، والمراد بالعلو الغلبة وهي استعارة مشهورة.
وقوله: (والله معكم) معطوف على (وأنتم الأعلون) يبين سبب علوهم ويعلله فالمراد بمعيته تعالى لهم معية النصر دون المعية القيومية التي يشير إليها قوله تعالى:
(وهو معكم أينما كنتم) الحديد: 4.
وقوله: (ولن يتركم أعمالكم) قال في المجمع: يقال: وتره يتره وترا إذا نقصه ومنه الحديث (1) فكأنه وتر أهله وماله، وأصله القطع ومنه الترة القطع بالقتل ومنه الوتر المنقطع بانفراده عن غيره. انتهى.
فالمعنى: لن ينقصكم أعمالكم أي يوفي أجرها تاما كاملا، وقيل: المعنى: لن يضيع أعمالكم، وقيل: لن يظلمكم، والمعاني متقاربة.
ومعنى الآية: إذا كانت سبيل عدم طاعة الله ورسوله وإبطال أعمالكم هذه السبيل وكان مؤديا إلى الحرمان من مغفرة الله أبدا فلا تضعفوا ولا تفتروا في أمر القتال ولا تدعوا المشركين إلى الصلح وترك القتال والحال أنكم أنتم الغالبون والله ناصركم عليهم ولن ينقصكم شيئا من أجوركم بل يوفيكموها تامة كاملة.

(1) وهو ما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله عن الجوامع.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست