تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٩٤
به وكان محصل المعنى: ولا تتدين بغير دين التوحيد لان كل دين باطل لا أثر له الا دينه.
والأنسب على هذا أن يكون الحكم في ذيل الآية بمعنى الحكم التشريعي أو الأعم منه ومن التكويني والمعنى: كل دين هالك الا دينه لان تشريع الدين إليه واليه ترجعون لا اله مشرعي الأديان الاخر.
هذا ما يعطيه التدبر في الآية الكريمة وللمفسرين فيها أقوال أخر مختلفة.
فقيل: المراد بالوجه ذاته تعالى المقدسة وبالهلاك الانعدام، والمعنى: كل شئ في نفسه عرضة للعدم لكون وجوده عن غيره إلا ذاته الواجبة الوجود، والكلام على هذا مبنى على التشبيه أي كل شئ غيره كالهالك لاستناد وجوده إلى غيره.
وقيل: الوجه بمعنى الذات والمراد به ذات الشئ والضمير لله باعتبار أن وجه الشئ مملوك له، والمعنى: كل شئ هالك الا وجه الله الذي هو ذات ذلك الشئ ووجوده.
وقيل: المراد بالوجه الجهة المقصودة والضمير لله، والمعنى: كل شئ هالك بجميع ما يتعلق به الا الجهة المنسوبة إليه تعالى وهو الوجود الذي أفاضه الله تعالى عليه.
وقيل: الوجهة هو الجهة المقصودة والمراد به الله سبحانه الذي يتوجه إليه كل شئ والضمير للشئ، والمعنى: كل شئ هالك الا الله الذي هو الجهة المطلوبة له.
وقيل: المراد بالهلاك هلاك الموت والعموم مخصوص بذوي الحياة، والمعنى:
كل ذي حياة فإنه سيموت الا وجهه.
وقيل: المراد بالوجه العمل الصالح والمعنى أن العمل كان في حيز العدم، فلما فعله العبد ممتثلا لامره تعالى أبقاه الله من غير احباط حتى يثيبه أو أنه بالقبول صار غير قابل للهلاك لان الجزاء قائم مقامه وهو باق.
وقيل: المراد بالوجه جاهه تعالى الذي أثبته في الناس.
وقيل: الهلاك عام لجميع ما سواه تعالى دائما لكون الوجود المفاض عليها متجددا في كل آن فهي متغيرة هالكة دائما في الدنيا والآخرة والمعنى كل شئ متغير الذات دائما الا وجهه.
وهذه الوجوه بين ما لا ينطبق على سياق الآية وبين ما لا ينجح به حجتها وبين ما هو بعيد عن الفهم، وبالتأمل فيما قدمناه يظهر ما في كل منها فلا نطيل.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست