تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٠٠
قال محمد بن كعب قال حذيفة بن اليمان: والله لقد رأيتنا يوم الخندق وبنا من الجهد والجوع والخوف ما لا يعلمه الا الله وقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى ما شاء الله من الليل ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم يجعله الله رفيقي في الجنة. قال حذيفة: فوالله ما قام منا أحد مما بنا من الخوف والجهد والجوع، فلما لم يقم أحد دعاني فلم أجد بدا من اجابته. قلت: لبيك قال: اذهب فجئ بخبر القوم ولا تحدثن شيئا حتى ترجع.
قال: وأتيت القوم فإذا ريح الله وجنوده تفعل بهم ما تفعل ما يستمسك لهم بناء ولا تثبت لهم نار ولا يطمئن لهم قدر فانى لكذلك إذ خرج أبو سفيان من رحله ثم قال: يا معشر قريش لينظر أحدكم من جليسه؟ قال حذيفة: فبدأت بالذي عن يميني فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان.
ثم عاد أبو سفيان براحلته فقال: يا معشر قريش والله ما أنتم بدار مقام هلك الخف والحافر وأخلفتنا بنو قريظة وهذه الريح لا يستمسك لنا معها شئ ثم عجل فركب راحلته وانها لمعقولة ما حل عقالها الا بعد ما ركبها قال: قلت في نفسي: لو رميت عدو الله وقتلته كنت قد صنعت شيئا فوترت قوسي ثم وضعت السهم في كبد القوس وأنا أريد أن أرميه فأقتله فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تحدثن شيئا حتى ترجع. قال فحططت القوس ثم رجعت إلى رسول الله وهو يصلى فلما سمع حسي فرج بين رجليه فدخلت تحته، وأرسل على طائفة من مرطه (1) فركع وسجد ثم قال: ما الخبر؟ فأخبرته.
وعن سليمان بن صرد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أجلى عنه الأحزاب: الان نغزوهم ولا يغزوننا فكان كما قال، فلم يغزهم قريش بعد ذلك وكان هو يغزوهم حتى فتح الله عليهم مكة.
أقول: هذا ما أورده الطبرسي في مجمع البيان من القصة أوردناه ملخصا وروى القمي في تفسيره قريبا منه وأورده في الدر المنثور في روايات متفرقة.
وفى المجمع أيضا روى الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال:

(1) كساء من صوف ونحوه يؤتزر به.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست