تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٨٩
أي قدوة وهو المؤتسى أي المقتدى به كما تقول: في البيضة عشرون منا حديد أي هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد. والثاني: أن فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها وتتبع وهي المواساة بنفسه انتهى وأول الوجهين قريب مما قدمناه.
وقوله: (لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) بدل من ضمير الخطاب في (لكم) للدلالة على أن التأسي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصلة جميلة زاكية لا يتصف بها كل من تسمى بالايمان، وانما يتصف بها جمع ممن تلبس بحقيقة الايمان فكان يرجو الله واليوم الآخر أي تعلق قلبه بالله فآمن به وتعلق قلبه باليوم الاخر فعمل صالحا ومع ذلك ذكر الله كثيرا فكان لا يغفل عن ربه فتأسى بالنبي في أفعاله وأعماله.
وقيل: قوله: (لمن كان) الخ، صلة لقوله: (حسنة) أو صفة له للمنع عن الابدال من ضمير الخطاب ومآل الوجوه الثلاثة بحسب المعنى واحد.
قوله تعالى: (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله)، وصف لحال المؤمنين لما شاهدوا الأحزاب ونزول جيوشهم حول المدينة فكان ذلك سبب رشدهم وتبصرهم في الايمان وتصديقهم لله ولرسوله على خلاف ما ظهر من المنافقين والذين في قلوبهم مرض من الارتياب وسيئ القول، وبذلك يظهر أن المراد بالمؤمنين المخلصون لايمانهم بالله ورسوله.
وقوله: (قالوا الذي وعدهم.
وقيل: انهم كانوا قد سمعوا قوله تعالى في سورة البقرة: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا ان نصر الله قريب) البقرة: 214 فتحققوا
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست