تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٥٣
وسمعنا) ومسألتهم الرجوع للعمل الصالح لما ينجلي لهم أن النجاة في الايمان والعمل الصالح وقد حصل لهم الايمان اليقيني وبقى العمل الصالح ولذا يعترفون باليقين ويسألون الرجوع إلى الدنيا ليعملوا صالحا فيتم لهم سببا النجاة.
والمعنى: ولو ترى إذ هؤلاء الذين يجرمون بانكار لقاء الله مطرقوا رؤوسهم عند ربهم في موقف اللقاء من الخزي والذل والندم يقولون ربنا أبصرنا بالمشاهدة وسمعنا بالطاعة فارجعنا نعمل عملا صالحا انا موقنون والمحصل أنك تراهم يجحدون اللقاء ولو تراهم إذ أحاط بهم الخزي والذل فنكسوا رؤوسهم واعترفوا بما ينكرونه اليوم وسألوا العود إلى ههنا ولن يعودوا.
قوله تعالى: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) إلى آخر الآية أي لو شئنا أن نعطي كل نفس أعم من المؤمنة والكافرة الهدى الذي يختص بها ويناسبها لأعطيناه لها بأن نشاء من طريق اختيار الكافر وارادته أن يتلبس بالهدى فيتلبس بها من طريق الاختيار والإرادة كما شئنا في المؤمن كذلك فتلبس بالهدى باختيار منه وإرادة من دون أن ينجر إلى الالجاء والاضطرار فيبطل التكليف ويلغو الجزاء.
وقوله: (ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) أي ولكن هناك قضاء سابق منى محتوم وهو املاء جهنم من الجنة والناس أجمعين وهو قوله لإبليس لما امتنع من سجدة آدم وقال: (فبعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين): (فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) صلى الله عليه وآله وسلم: 85، فقضى أن يدخل متبعي إبليس العذاب المخلد.
ولازم ذلك أن لا يهديهم لظلمهم وفسقهم بالخروج عن زي العبودية كما قال:
(ان الله لا يهدى القوم الظالمين) (والله لا يهدى القوم الفاسقين) التوبة: 80، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: (فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم) إلى آخر الآية، تفريع على قوله: (ولكن حق القول منى) والنسيان ذهول صورة الشئ عن الذاكرة ويكنى به عن عدم الاعتناء بما يهم الشئ وهو المراد في الآية.
والمعنى: فإذا كان من القضاء إذاقة العذاب لمتبعي إبليس فذوقوا العذاب بسبب
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست