تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٩١
الله ورسوله فيها أحد، وقد أجاز الله لكم أن تأكلوا منها وأباح لكم التصرف فيها فالذي أباح لكم التصرف فيها يأمركم ان تؤدوا خمسها إلى أهله.
وظاهر الآية أنها مشتملة على تشريع مؤبد كما هو ظاهر التشريعات القرآنية، وأن الحكم متعلق بما يسمى غنما وغنيمة سواء كان غنيمة حربية مأخوذة من الكفار أو غيرها مما يطلق عليه الغنيمة لغة كأرباح المكاسب والغوص والملاحة والمستخرج من الكنوز والمعادن، وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب فليس للمورد أن يخصص.
وكذا ظاهر ما عد من موارد الصرف بقوله: (لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) انحصار الموارد في هؤلاء الأصناف، وأن لكل منهم سهما بمعنى استقلاله في اخذ السهم كما يستفاد مثله من آية الزكاة من غيران يكون ذكر الأصناف من قبيل التمثيل.
فهذا كله مما لا ريب فيه بالنظر إلى المتبادر من ظاهر معنى الآية، وعليه وردت الاخبار من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وقد اختلفت كلمات المفسرين من أهل السنة في تفسير الآية وسنتعرض لها في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا) العدوة بالضم وقد يكسر شفير الوادي، والدنيا مؤنث أدنى كما أن القصوى وقد يقال: القصيا مؤنث اقصى والركب كما قيل هو العير الذي كان عليه أبو سفيان بن حرب.
والظرف في قوله: (إذ أنتم بالعدوة) بيان ثان لقوله في الآية السابقة: (يوم الفرقان كما أن قوله: (يوم التقى الجمعان) بيان أول له متعلق بقوله: (أنزلنا على عبدنا) واما ما يظهر من بعضهم إنه بيان لقوله: (والله على كل شئ قدير) بما يفيده بحسب المورد، والمعنى: والله قدير على نصركم وأنتم أذله إذ أنتم نزول بشفير الوادي الأقرب، فلا يخفى بعده ووجه التكلف فيه.
وقوله تعالى: (ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد)، سياق ما تقدمه من الجمل الكاشفة عن تلاقى الجيشين، وكون الركب أسفل منهم، وان الله بقدرته التي قهرت كل شئ فرق بين الحق والباطل، وأيد الحق على الباطل، وكذا قوله بعد: (ولكن
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست