تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٩٠
تعالى في الآية السابقة: (فاعلموا ان الله مولاكم) هذا والسياق الذي يتم بحيلولة قوله: (واعلموا أنما غنمتم من شئ) الخ لا يلائم ذلك.
وقوله تعالى: (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان) الظاهر أن المراد به القرآن بقرينة تخصيص النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانزال، ولو كان المراد به الملائكة المنزلون يوم بدر - كما قيل - لكان الأنسب اولا: ان يقال: ومن أنزلنا على عبدنا، أو ما يؤدى هذا المعنى وثانيا: ان يقال: عليكم لا على عبدنا فان الملائكة كما أنزلت لنصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنزلت لنصرة المؤمنين معه كما يدل عليه قوله: (فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين) الأنفال: 9. وقوله بعد ذلك: (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا) الخ الأنفال: 12. ونظيرهما قوله: (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) آل عمران: 125.
وفي الالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله: (إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا) من بسط اللطف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واصطفائه بالقرب ما لا يخفى.
ويظهر بالتأمل فيما قدمناه من البحث في قوله تعالى في أول السورة: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) الآية أن المراد بقوله: (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان) هو قوله تبارك وتعالى: فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) بما يحتف به من الآيات.
والمراد بقوله: (يوم الفرقان) يوم بدر كما يشهد به قوله بعده: (يوم التقى الجمعان) فان يوم بدر هو اليوم الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل فأحق الحق بنصرته، وأبطل الباطل بخذلانه.
وقوله تعالى: (والله على كل شئ قدير) بمنزلة التعليل لقوله: (يوم الفرقان) بما يدل عليه من تمييزه تعالى بين الحق والباطل كأنه قيل: والله على كل شئ قدير فهو قادر ان يفرق بين الحق والباطل بما فرق.
فمعنى الآية - والله أعلم - واعلموا ان خمس ما غنمتم أي شئ كان هو لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فردوه إلى أهله ان كنتم آمنتم بالله وما أنزله على عبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر، وهو ان الأنفال وغنائم الحرب لله ولرسوله لا يشارك
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست