تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٤٧
جزء من اجزاء وجوده وكل تابع من توابع شخصه: بينه وبين قلبه، بينه وبين سمعه، بينه وبين بصره، بينه ومن بدنه، بينه وبين نفسه. يتصرف فيها بإيجادها، ويتصرف فيها بتمليك الأسنان ما شاء منها كيف شاء، واعطائه ما اعطى، وحرمانه ما حرم.
ونظير الانسان في ذلك سائر الموجودات فما من شئ في الكون وله ذات وتوابع ذات من قوى وآثار وأفعال إلا والله سبحانه هو المالك بحقيقة معنى الكلمة لذاته ولتوابع ذاته، وهو المملك إياه كلا من ذاته وتوابع ذاته فهو الحائل المتوسط بينه وبين ذاته وبينه وبين توابع ذاته من قواه وآثاره وأفعاله.
فالله سبحانه هو الحائل المتوسط بين الانسان وبين قلبه وكل ما يملكه الانسان ويرتبط ويتصل هو به نوعا من الارتباط والاتصال وهو أقرب إليه من كل شئ كما قال تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ق: 16.
والى هذه الحقيقة يشير قوله: (واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه إليه تحشرون) فهو تعالى لكونه مالكا لكل شئ ومن جملتها الانسان ملكا حقيقيا لا مالك حقيقة سواه، أقرب إليه حتى من نفسه وقوى نفسه التي يملكها لأنه سبحانه هو الذي يملكه إياها فهو حائل متوسط بينه وبينها يملكه إياها ويربطها به فافهم ذلك.
ولذلك عقب الجملة بقوله: (وانه إليه تحشرون) فإن الحشر والبعث هو الذي ينجلى عنده ان الملك الحق لله وحده لا شريك له، ويبطل عند ذلك كل ملك صوري وسلطنة ظاهرية الا ملكه الحق جل ثناؤه كما قال سبحانه: (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) المؤمن: 16، وقال: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله) الانفطار: 19.
فكان الآية تقول: واعلموا ان الله هو المالك بالحقيقة لكم ولقلوبكم وهو أقرب إليكم من كل شئ، وانه ستحشرون إليه فيظهر حقيقة ملكه لكم وسلطانه عليكم يومئذ فلا يغنى عنكم منه شئ.
وأما اتصال الكلام أعني ارتباط قوله: (واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه) الخ بقوله: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) فلان حيلولته سبحانه بين المرء وقلبه، يقطع منبت كل عذر في عدم استجابته لله والرسول إذا دعاه لما
(٤٧)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست