تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٤٠١
إليه بالرحمة، ومن الرجوع إليه بالرحمة، الرجوع إلى أمته بالرحمة فالتوبة عليهم توبة عليه فهو صلى الله عليه وآله وسلم الواسطة في نزول الخيرات والبركات إلى أمته.
وأيضا فان من فضله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ان: كلما ذكر أمته أو الذين معه بخير أفرده من بينهم وصدر الكلام بذكره تشريفا له كما في قوله: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) البقرة: 285 وقوله: (ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) التوبة (26، وقوله: (لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا) التوبة 88 إلى غير ذلك من الموارد.
وثانيا: ان المراد بما ذكر ثانيا وثالثا من التوبة بقوله: (ثم تاب عليهم) في الموضعين هو تفصيل ما ذكره إجمالا بقوله: (لقد تاب الله).
وثالثا: ان المراد بالتوبة في قوله: (ثم تاب عليهم) في الموضعين رجوعه تعالى إليهم بالهداية إلى الخير والتوفيق فقد ذكرنا مرارا في الأبحاث السابقة ان توبة العبد محفوفة بتوبتين من الرب تعالى، وانه يرجع إليه بالتوفيق وإفاضة رحمة الهداية وهو التوبة الأولى منه فيهتدى العبد إلى الاستغفار وهو توبته فيرجع تعالى إليه بقبول توبته وغفران ذنوبه وهو التوبة الثانية منه تعالى.
والدليل على أن المراد بها في الموضعين ذلك اما في الآية الأولى فلانه لم يذكر منهم فيها ذنبا يستغفرون له حتى تكون توبته عليهم توبة قبول، وإنما ذكر انه كان من المتوقع زيغ قلوب بعضهم وهو يناسب التوبة الأولى منه تعالى دون الثانية، واما في الآية الثانية فلانه ذكر بعدها قوله: (ليتوبوا) وهو الاستغفار، اخذ غاية لتوبته تعالى فتوبته تعالى قبل توبتهم ليست إلا التوبة الأولى منه.
وربما أيد ذلك قوله تعالى في مقام تعليل توبته عليهم: (انه بهم رؤوف رحيم) حيث لم يذكر من أسمائه ما يدل بلفظه على قبول توبتهم كما لم يذكر منهم توبة بمعنى الاستغفار.
ورابعا: أن المراد بقوله في الآية الثانية: (ليتوبوا) توبة الثلاثة الذين خلفوا المترتب على توبته تعالى الأولى عليهم، فالمعنى ثم تاب الله على الثلاثة ليتوب الثلاثة فيتوب عليهم ويغفر لهم انه هو التواب الرحيم.
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست