تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٧٧
وفي قوله: (عسى الله ان يتوب عليهم) إيجاد الرجاء في نفوسهم لتكون نفوسهم واقعة بين الخوف والرجاء من غير أن يحيط بها اليأس والقنوط، وفي قوله:
(إن الله غفور رحيم) ترجيح جانب الرجاء.
قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) التطهير إزالة الأوساخ والقذارات من الشئ ليصفى وجوده ويستعد للنشوء والنماء وظهور آثاره وبركاته، والتزكية إنماؤه وإعطاء الرشد له بلحوق الخيرات وظهور البركات كالشجرة بقطع الزوائد من فروعها فتزيد في حسن نموها وجودة ثمرتها فالجمع بين التطهير والتزكية في الآية من لطيف التعبير.
فقوله: (خذ من أموالهم صدقة) أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأخذ الصدقة من أموال الناس ولم يقل: من مالهم ليكون إشارة إلى انها مأخوذة من أصناف المال، وهى النقدان: الذهب والفضة، والانعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، والغلات الأربع:
الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وقوله: (تطهرهم وتزكيهم بها) خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس وصفا لحال الصدقة، والدليل عليه ضمير بها الراجع إلى الصدقة أي خذ يا محمد من أصناف أموالهم صدقة تطهرهم أنت وتزكيهم بتلك الصدقة أي أخذها.
وقوله: (وصل عليهم) الصلاة عليهم هي الدعاء لهم والسياق يفيد انه دعاء لهم ولأموالهم بالخير والبركة وهو المحفوظ من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان يدعو لمعطى الزكاة ولماله بالخير والبركة. وقوله: (إن صلاتك سكن لهم) السكن ما يسكن إليه الشئ والمراد به أن نفوسهم تسكن إلى دعائك وتثق به وهو نوع شكر لسعيهم في الله كما أن قوله تعالى في ذيل الآية: (والله سميع عليم) سكن يسكن إليه نفوس المكلفين ممن يسمع الآية أو يتلوها.
والآية تتضمن حكم الزكاة المالية التي هي من أركان الشريعة والملة على ما هو ظاهر الآية في نفسها، وقد فسرتها بذلك اخبار متكاثرة من طرق أئمة أهل البيت عليهم لسلام وغيرهم.
قوله تعالى: (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) استفهام إنكاري بداعي تشويق الناس إلى إيتاء الزكاة
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست