تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٨٣
والمسور بن مخرمة قالا: كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية بينة وبين قريش ان من شاء ان يدخل في عقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعهده دخل فيه، ومن شاء ان يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا: ندخل في عهد محمد وعقده.
وتواثبت بنو بكر فقالوا: ندخل في عقد قريش وعهدهم فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا.
ثم إن بنى بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعهده ليلا بماء لهم يقال له: الوتير قريب من مكة فقالت قريش ما يعلم بنا محمد وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وركب عمرو بن سالم عند ما كان من أمر خزاعة وبنى بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأبيات أنشده إياها:
يا رب (1) انى ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا قد كنتم ولدا وكنا والدا * ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا أعتدا * وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجرى مزبدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا * وجعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا * وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم فما برح حتى مرت غمامة في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذه السحابة لتشهد (3) بنصر بنى كعب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس بالجهاد وكتمهم مخرجه، وسأل الله ان يعمى على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم.

(1) في الدر المنثور: لأهم.
(2) الأبيات منقولة على ما يطابق نسخة السيرة لابن هشام لكثرة الغلط في نسخة الدر المنثور.
(3) لتستهل. نسخة سيرة النبي.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست