تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٤٠
إسناد إلى المسبب، وإضافة الطغيان إليهم لئلا يتوهم أن إسناد الفعل إليه على الحقيقة.
والعمه، قيل: مثل العمى إلا أن العمى عام في البصر والرأي، والعمه في الرأي خاصة.
وقيل: العمى في العين، والعمه في القلب.
وهو التحير والتردد لا يدري أين يتوجه، يقال: رجل عامه وعمه، وأرض عمهاء، لا منار بها، ولعل التخصيص يكون حيث تكون المقابلة.
و " في طغيانهم " إما متعلق ب‍ (يمدهم) وحينئذ يكون (يعمهون) حالا من مفعول يمدهم، أو فاعل الطغيان. وإما متعلق ب‍ (يعمهون) قدم عليه لرعاية الفاصلة، وحينئذ يتعين أن يكون حالا من الأول.
قال بعض الفضلاء: وإذ وقع الفراغ من حل ظاهر عباراته، فاسمع بطنا من بطون إشاراته، فنقول: إذا لاقى المتوسمون بالايمان الرسمي الذين آمنوا إيمانا حقيقيا وتحققوا بحقيقة التوحيد، وانعكست إليهم أنوارهم الايمانية، فتوهموا إنها من أنفسهم وملك لهم، قالوا بلسان حالهم: آمنا إيمانا كإيمانهم. وإذا فارقوا وخلوا إلى شياطينهم المبعدين، وانفصلت منهم تلك الأنوار، ورجعوا إلى ظلمتهم الأصلية الحجابية، وتضاعفت به ظلمتهم لاجتماعهم مع هؤلاء الشياطين، قالوا لهم: إنا معكم متفقون بكم فيما أنتم فيه من إثبات ذواتكم وإسناد الصفات والافعال إليها، مستهزؤون بالذين لا يثبتون إلا وجودا واحدا، ويسندون إليه الافعال والصفات كلها، فإن ذلك لا يحكم بصحة العقل، الله يستهزئ بهم في عين استهزائهم بهم، فإن ذلك الاستهزاء فعل الحق فيهم انصبغ بصبغ الاستهزاء، لالحاق الهوان والحقارة بهم في عيون أرباب البصيرة، فيكون استهزاء بهم، ويمدهم في طغيانهم، أي غلوهم في نفي التوحيد الحقيقي، مترددين متحيرين بين المؤمنين إيمانا حقيقيا وبين شياطينهم الجاحدين ذلك الايمان، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى معللة للجملة الدالة على استحقاقهم الاستهزاء على سبيل الاستئناف، أو مقررة لقوله: (يمدهم في طغيانهم) على سبيل
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست