تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٧٨
والناس من يلق خيرا قائلون له * ما يشتهي ولأم المخطئ الهبل وقيل ما دخل الرفق في شئ إلا زانه، ولا الخرق في شئ إلا شانه، ويقال لأم المخطئ الهبل، والهبل الثكل، هبلته أمه فهي هابلة.
(كل حي مستكمل مدة العمر * ومود إذا انتهى أجله) في سورة البقرة عند قوله تعالى (فبلغن أجلهن) ومود: أي هالك من أودى: إذا هلك، ويقال أودى به الموت: ذهب، والودي كفتى الهلاك. ويقال لعمر الإنسان أجل، وللموت الذي ينتهي إليه الأجل، وكذلك الغاية والأمد، يقول: كل حي مستكمل مدة عمره ويهلك إذا انتهى عمره، ويروى أمده.
(وإن امرأ أسدى إلي صنيعة * وذكرنيها مرة لبخيل (1)) في سورة البقرة عند قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى) وقريب من معنى ذلك قول الساجع: صنوان من منح سائله ومن، ومن منع نائله وضن. صنوان: أي مثلان، ونحوه قول العلامة الزمخشري: طعم الآلاء أحلى من المن، وهي أمر من الآلاء عند المن. الآلاء: الأولى: الفضل والنعم، والمن: الترنجبين، قال الله تعالى (وأنزلنا عليكم المن والسلوى) والثانية: اسم شجرة مرة، والمن:
المنة: يقال مننت عليه منا: أي عددت له ما فعلت له من الصنائع، وهو تكدير وتعيير تنكسر منه القلوب، فلهذا نهى الله بقوله (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) ومن هنا يقول: المن أخو المن: أي الإمتنان بتعديد الصنائع أخو القطع والهذم.
(ويأوى إلى نسوة عطل * وشعثا مراضيع مثل السعالى) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (قائما بالقسط) على تقدير نصبه على المدح. قال الزمخشري: فإن قلت:
من حق المنصوب على المدح أن يكون معرفة كقولهم الحمد لله الحميد " إنا معاشر الأنبياء لا نورث ".
* إنا بني نهشل لا ندعي لأب * قلت: قد جاء نكرة كما جاء معرفة، وأنشد سيبويه مما جاء منه نكرة قول الهذلي:
ويأوى إلى نسوة عطل الخ. يصف رجلا صائدا يصيد ويدخل على امرأته وبناته الفقيرات العاريات التي تغيرت وجوههن من شدة الجوع. مثل السعالى جمع السعلاة: وهو الغول، وإدخال الواو بين الصفة والموصوف لتأكيد إلحاق الصفة بالموصوف نظيره قول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم (لا كبت حاسدا وأرى عدوا * كأنهما وداعك والرحيل) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (أو يكبتهم فينقلبوا خائبين) أي يحزنهم ويغيظهم بالهزيمة، فينقلبوا خائبين غير ظافرين بمبتغاهم، ونحوه (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) ويقال كبته بمعنى كبده: إذا ضرب كبده بالغيظ والحرقة. وقيل في قول أبي الطيب * لا كبت حاسدا وأرى عدوا * أي أضرب رئته هو من الكبد والرئة، وأوله:

(1) قوله (لبخيل) أورده هنا باللام في حرف اللام، والذي في الكشاف للئيم، وعليه فمحله حرف الميم، كتبه مصححه.
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست