تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٨١
وقال المتنبي: وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل (وإن امرأ ضنت يداه على امرئ * بنيل يد من غيره لبخيل) في سورة النساء عند قوله تعالى (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل) أي يبخلون بذات أيديهم وبما في أيدي غيرهم فيأمرونهم بأن يبخلوا به مقتا للسخاء، وفي أمثال العرب: أبخل من الضنين بنائل غيره، وقيل أبخل الناس من بخل بما في يد غيره. قال الزمخشري: ولقد رأينا ممن بلى بداء البخل من إذا طرق سمعه أن أحدا جاد على أحد شخص به وعلا صوته واضطرب ودارت عيناه في رأسه كأنما نهب رحله وكسرت خزانته ضجرا من ذلك، والبيت لأبي تمام، وقبله:
سأقطع أرسان القباب بمنطق * قصير عناء الفكر فيه طويل (أقول وقد ناحت بقربي حمامة * أيا جارتي هل بات حالك حالي معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى * وما خطرت منك الهموم ببال أيا جارتي ما أنصف الدهر بيننا * تعالى أقاسمك الهموم تعالى تعالى ترى روحا لدي ضعيفة * تردد في جسم يعذب بالى أيضحك مأسور وتبكي طليقة * ويسكت محزون ويندب سالى لقد كنت أولى منك بالدمع والبكى * ولكن دمعي في الشدائد غالى) في سورة النساء عند قوله تعالى (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله) على قراءة الحسن تعالوا بضم اللام على أنه حذف اللام من تعاليت تخفيفا كما قالوا ما باليت به بالة وأصلها بالية كعافية. قال الكسائي في آية أصلها آيية فاعلة فحذفت اللام ووقعت واو الجمع بعد اللام من تعالى فضمت فصار تعالوا نحو تقدموا، ومنه قول أهل مكة تعالى بكسر اللام للمرأة كما وقع في شعر الحمداني، والوجه فتح اللام لأنها عين الفعل كالعين في تصاعدي، ولام الفعل التي كان حقها أن تكسر قد سقطت لأن الأصل تعاليى، وتقول في النداء: يا رجل تعاله، فإذا وصلت طرحت الهاء كقولك: تعال يا رجل تعاليا تعالوا، فلذا قال الشاعر:
تعالوا نجدد دارس العهد بيننا * كلانا على ذاك الجفاء ملوم ويقال للمرأتين تعاليا، وللنسوة تعالين، قال الله تعالى (فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا).
(وأهل خباء صالح ذات بينهم * قد احتربوا في عاجل أنا آجله) في سورة المائدة عند قوله تعالى (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل) أي بسبب ذلك وبعلته، وقيل أصله من أجل شرا: إذا جناه أو أثاره يأجله أجلا، ومنه قوله: وأهل خباء الخ. يصف نفسه بأنه مهياج للفتنة ويقول:
رب أهل خباء كانوا ذا صلح وافر قد وقعوا في الحرب عاجلا وأنا جالب الحرب عليهم وجانيه، وبعده:
فأقبلت في الباغين أسأل عنهم * سؤالك بالأمر الذي أنت جاهله (أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم * ألا كل ذي لب إلى الله واسل) في سورة المائدة عند قوله تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة) وهي كل ما يتوسل به: أي يتقرب من قرابة أو صنيعة
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»
الفهرست