تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٦٥
في سورة يونس عند قوله تعالى (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) وقرأ الحسن وجوزنا من أجاز المكان وجاوزه وجوزه، وليس من جوز الذي في بيت الأعشى:
وإذا يجوزها جبال قبيلة * أخذت من الأخرى إليك جبالها لأنه لو كان منه لكان حقه أن يقال: وجوزنا بني إسرائيل في البحر كما قال:
* كما جوز السكي في الباب فيتق * والسكي بفتح السين: المسمار، والياء للمبالغة. والفيتق: النجار. قيل خطب علي عليه السلام على منبر الكوفة وهو يومئذ غير مسكوك: أي غير مسمر من السك. وهو تضبيب الباب.
(خف الله واستر ذا الجمال ببرقع * فإن لحت حاضت في الخدور العواتق) في سورة يوسف عند قوله تعالى (فلما رأينه أكبرنه) على تقدير أن يكون أكبرن بمعنى حضن والهاء للسكت وهاء السكت قد تحرك بحركة الضمير إجراء لها مجراها، وقد قالوا ذلك في قول المتنبي * واحر قلباه ممن قلبه شبم * يقال أكبرت المرأة إذا حاضت، وحقيقته دخلت في الكبر لأنها بالحيض تخرج من حد الصغر إلى حد الكبر، وكأن أبا الطيب أخذ المعنى من هذا التفسير، يقول: استر جمالك ببرقع ترسله على وجهك، فإنك إن ظهرت حاضت الشواب في خدورهن عشقا لك وصبابة، وذلك أن المرأة إذا اشتدت شهوتها وأفرطت سال دم حيضها ويروى ذابت وهو أولى لبشاعة لفظ الحيض.
(فتى كالسحاب الجون يخشى ويرتجى * يرجى الحيا منها وتخشى الصواعق) في سورة الرعد عن قوله تعالى (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا) ومعنى الخوف والطمع أن وقوع الصواعق يخاف عند لمع البرق ويطمع في الغيث. وقيل يخاف المطر من له فيه ضرر كالمسافر، ومن في جرينه التمر والزبيب، ومن له بيت يكف، ومن البلاد مالا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر، ويطمع فيه من له فيه نفع.
الجون: الأسود ههنا، ورواه ابن جنى بضم الجيم، والسحاب جمع سحابة.
(وزيد الخيل قد لاقي صفادا * يعض بساعد وبعظم ساق) البيت لسلامة بن جندل. في سورة إبراهيم عند قوله تعالى (مقرنين في الأصفاد) وهي القيود، وقيل الأغلال وزيد الخيل: اسم علم لرجل. وقوله يعض صفة لصفاد، وحمله الشاعر على المعنيين جميعا، فإن الغل يوضع على الساعد والعنق، والقيد يوضع على الرجل. قد قالت الزباء لحصن سموءل:
(تمرد مارد وعز الأبلق) في سورة الكهف عند قوله تعالى (يريد أن ينقض) مارد: حصن دومة الجندل. والأبلق: حصن السموأل ابن عادياء، وصف بالأبلق لأنه بنى من حجارة مختلفة الألوان بأرض تيماء، ويدل على هذا قول الأعشى:
بالأبلق الفرد من تيماء منزله * حصن حصين وجار غير غدار قيل إنهما حصنان قصدتهما الزباء ملكة الجزيرة فلم تقدر عليهما، واستصعبا عليها فقالت: تمرد مارد، وعز الأبلق، فصار مثلا لكل ما يعز ويمتنع على طالبه، ومعنى عز غلب، من عز يعز بالضم، ويجوز أن يكون من عز يعز بمعنى امتنع بكسر العين.
(لعمري لقد لاحت عيون كثيرة * إلى ضوء نار في يفاع تحرق
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»
الفهرست