الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٩٨
سورة الإخلاص مكية. وهي أربع آيات بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد.
____________________
سورة الإخلاص مكية، وقيل مدنية. وهي أربع آيات (بسم الله الرحمن الرحيم) (هو) ضمير الشأن، و (الله أحد) هو الشأن كقولك هو زيد منطلق كأنه قيل: الشأن هذا وهو أن الله واحد لا ثاني له. فإن قلت: ما محل هو؟ قلت: الرفع على الابتداء والخبر الجملة. فإن قلت: فالجملة الواقعة خبرا لا بد فيها من راجع إلى المبتدأ فأين الراجع؟ قلت: حكم هذه الجملة حكم المفرد في قولك زيد غلامك في أنه هو المبتدأ في المعنى، وذلك أن قوله - الله أحد - هو الشأن الذي هو عبارة عنه، وليس كذلك زيد أبوه منطلق، فإن زيدا والجملة يدلان على معنيين مختلفين فلا بد مما يصل بينهما. وعن ابن عباس: قالت قريش: يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه، فنزلت: يعني الذي سألتموني وصفه هو الله. وأحد بدل من قوله الله، أو على هو أحد وهو بمعنى واحد وأصله وحد. وقرأ عبد الله وأبي هو الله أحد بغير قل، وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم الله أحد بغير قل هو، وقال " من قرأ الله أحد كان بعدل القرآن " وقرأ الأعمش، قل هو الله الواحد، وقرئ أحد الله بغير تنوين أسقط لملاقاته لام التعريف، ونحوه: * ولا ذاكر الله إلا قليلا * والجيد هو التنوين وكسره لالتقاء الساكنين، و (الصمد) فعل بعني مفعول من صمد إليه إذا قصده وهو السيد المصمود إليه في الحوائج. والمعنى:
هو الله الذي تعرفونه وتقرون بأنه خالق السماوات والأرض وخالقكم، وهو واحد متوحد بالإلهية لا يشارك فيها، وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق لا يستغنون عنه وهو الغني عنهم (لم يلد) لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا، وقد دل على هذا المعنى بقوله - أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة - (ولم يولد) لأن كل مولود محدث وجسم وهو قديم لا أول لوجوده وليس بجسم. ولم يكافئه أحد: أي لم يماثله ولم يشاكله، ويجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح نفيا للصاحبة، سألوه أن يصفه لهم فأوحى إليه ما يحتوي على صفاته، فقوله هو الله إشارة لهم إلى من هو خالق الأشياء وفاطرها، وفي طي ذلك وصفه بأنه قادر عالم لأن الخلق يستدعي القدرة والعلم
(٢٩٨)
مفاتيح البحث: سورة الإخلاص (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»