الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٢
بما يصفون. وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين. وأعوذ بك رب أن يحضرون.
حتى إذا جاء أحدهم قال رب ارجعون. لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون.
____________________
الصفح والاحسان وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة، وهذه قضية قوله " بالتي هي أحسن " وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هي شهادة أن لا إله إلا الله، والسيئة: الشرك. وعن مجاهد: السلام يسلم عليه إذا لقيه. وعن الحسن: الاغضاء والصفح. وقيل هي منسوخة بآية السيف، وقيل محكمة لان المداراة محثوث عليها مالم تؤد إلى ثلم دين وإزراء بمروءة (بما يصفون) بما يذكرونه من أحوالك بخلاف صفتها، أو بوصفهم لك وسوء ذكرهم، والله أعلم بذلك منك وأقدر على جزائهم. الهمز: النخس، والهمزات جمع المرة منه ومنه مهماز الرائض، والمعنى: أن الشياطين يحثون الناس على المعاصي ويغرونهم عليها كما تهمز الراضة الدواب حثا لها على المشي، ونحو الهمز الاز في قوله تعالى - تؤزهم أزا - أمر بالتعوذ من نخساتهم بلفظ المبتهل إلى ربه المكرر لندائه وبالتعوذ من أن يحضروه أصلا ويحوموا حوله، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: عند تلاوة القرآن. وعن عكرمة:
عند النزع (حتى) يتعلق بيصفون: أي لا يزالون على سوء الذكر إلى هذا الوقت، والآية فاصلة بينهما على وجه الاعتراض والتأكيد للغضاء عنهم مستعينا بالله على الشيطان أن يستزله عن الحلم ويغريه على الانتصار منهم، أو على قوله - وإنهم لكاذبون - خطاب الله بلفظ الجمع للتعظيم كقوله * فإن شئت حرمت النساء سواكم * وقوله * ألا فارحموني يا إله محمد * إذا أيقن بالموت واطلع على حقيقة الامر أدركته الحسرة على ما فرط فيه من الايمان والعمل الصالح فيه، فسأل ربه الرجعة وقال (لعلى أعمل صالحا) في الايمان الذي تركته، والمعنى: لعلى آتي بما تركته من الايمان وأعمل فيه صالحا كما تقول: لعلى أبنى على أس، تريد أوسس أسا وابن عليه. وقيل فيما تركت من المال. وعن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا نرجعك إلى الدنيا: فيقول: إلى دار الهموم والأحزان بل قدوما إلى الله، وأما الكافر فيقول رب ارجعون " (كلا) ردع عن طلب الردعة وإنكار واستبعاد. والمراد بالكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض وهى قوله - لعلى أعمل صالحا فيما تركت - (هو قائلها) لا محالة لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة عليه وتسلط الندم، أو هو قائلها وحده لايجاب إليها ولا تسمع منه (ومن ورائهم برزخ) والضمير للجماعة: أي أمامهم حائل بينهم وبين الرجعة إلى يوم البعث، وليس المعنى أنهم يرجعون يوم البعث، وإنما هو إقناط كلي لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلا إلى الآخرة.
الصور بفتح الواو. عن الحسن: والصور بالكسر والفتح عن أبي رزين، وهذا دليل لمن فسر الصور بجمع
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»