الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٣
فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون. ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون. قالوا ربنا غلبت علينا.
____________________
الصورة. ونفى الأنساب يحتمل أن التقاطع يقع بينهم. حيث يتفرقون معاقبين ومثابين، ولا يكون التواصل بينهم والتألف إلا بالاعمال فتلغو الأنساب وتبطل، وأنه لا يعتد بالانساب لزوال التعاطف والتراحم بين الأقارب، إذ يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه. وعن ابن مسعود: ولا يساءلون بإدغام التاء في السين. فإن قلت:
قد ناقض هذا ونحو قوله - ولا يسأل حميم حميما - قوله - وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون - وقوله - يتعارفون بينهم - فكيف التوفيق بينهما؟ قلت: فيه جوابان: أحدهما أن يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة ففيه أزمنة وأحوال مختلفة يتساءلون ويتعارفون في بعضها وفي بعضها لا يفطنون لذلك لشدة الهول والفزع. والثاني أن التناكر يكون عند النفخة الأولى، فإذا كانت الثانية قاموا فتعارفوا وتساءلوا. عن ابن عباس: الموازين جمع موزون وهى الموزونات من الأعمال: أي الصالحات التي لها وزن وقدر عند الله تعالى من قوله تعالى - فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا - (في جهنم خالدون) بدل من خسروا أنفسهم، ولا محل للبدل والمبدل منه لان الصلة لا محل لها، أو خبر بعد خبر لأولئك، أو خبر مبتدأ محذوف (تلفح) تسفع، وقال الزجاج: اللفح والنفح واحد إلا أن اللفح أشد تأثيرا. والكلوح: أن تتقلص الشفتان وتتشمرا عن الأسنان كما ترى الرؤوس المشوية. وعن مالك بن دينار: كان سبب توبة عتبة الغلام أنه مر في السوق برأس أخرج من التنور فغشى عليه ثلاثة أيام ولياليهن... وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخى شفته السفلى حتى تبلغ سرته " وقرئ كلحون (غلبت علينا) ملكتنا من قولك غلبني فلان على كذا إذا أخذه منك وامتلكه. والشقاوة:
(٤٣)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»