الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٧
أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون. ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون.
____________________
البهت وعولوا على الكذب من النسبة من النسبة إلى الجنون والسحر والشعر. فإن قلت: قوله (وأكثر هم) فيه أن أقلهم كانوا لا يكرهون الحق. قلت: كان فيهم من يترك الايمان به أنفة واستنكافا من توبيخ قومه وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه، لا كراهة للحق كما يحكى عن أبي طالب. فإن قلت: يزعم بعض الناس أن أبا طالب صح إسلامه؟
قلت: يا سبحان الله كأن أبا طالب كان أخمل أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس رضي الله عنهما ويخفى إسلام أبى طالب. دل بهذا على عظم شأن الحق وأن السماوات والأرض ما قامت ولا من فيهن الا به، فلو اتبع أهواءهم لا نقلب باطلا ولذهب ما يقوم به العالم فلا يبقى له بعده قوام، أو أراد أن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الاسلام لو اتبع أهواءهم وانقلب شركا لجاء الله بالقيامة ولأهلك العالم ولم يؤخر. وعن قتادة أن الحق هو الله، ومعناه: ولو كان الله إلها يتبع أهواءهم ويأمر بالشرك والمعاصي لما كان إلها ولكان شيطانا ولما قدر أن يمسك السماوات والأرض (بذكرهم) أي بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو وصيتهم وفخرهم، أو بالذكر الذي كانوا يتمنونه - ويقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»