الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. ومن الناس من يجادل في الله بغير علم.
____________________
الافزاع إلا أن يتردوا به. وروى " أن هاتين الآيتين نزلنا ليلا في غزوة بنى المصطلق، فقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة، فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام وقت النزول ولم يطبخوا قدرا وكانوا من بين حزبين: باك، ومفكر " (يوم ترونها منصوب بتذهل والضمير للزلزلة.
وقرئ تذهل كل مرضعة على البناء للمفعول، وتذهل كل مرضعة أي تذهلها الزلزلة، والذهول الذهاب عن الامر مع دهشة. فإن قلت: لم قيل (مرضعة) دون مرضع؟ قلت: المرضعة التي هي في حال الارضاع ملقمة ثديها الصبى، والمرضع التب شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الارضاع في حال وصفها به، فقيل مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة (عما أرضعت) عن إرضاعها أو عن الذي أرضعته وهو الطفل. وعن الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام، وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام. قرئ (وترى) بالضم من أريتك قائما أو رؤيتك قائما، و (الناس) منصوب ومرفوع والنصب ظاهر، ومن رفع جعل الناس اسم ترى وأنثه على تأويل الجماعة. وقرئ سكرى وبسكرى وهو نظير جوعى وعطشى في جوعان وعطشان، وسكارى وبسكارى نحو كسالى وعجالى. وعن الأعمش سكرى وبسكرى بالضم وهو غريب. والمعنى: وتراه سكارى على التشبيه وما هم بسكارى على التحقيق، ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم وطير تمييزهم وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه. وقيل وتراهم سكارى
(٤)
مفاتيح البحث: الرضاع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»