التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٣٨
وقوله * (وأبصرهم فسوف يبصرون) معناه انظرهم فسوف يرون العذاب - في قول ابن زيد - وقال غيره أبصر حالهم بقليل. وقيل: ابصرهم في وقت البصر، وفي الآية دلالة على المعجز، لأنه تعالى وعد نبيه بالنصر، فكان الامر على ما قال.
وقوله * (أفبعذابنا يستعجلون) * معناه الانكار عليهم بأنهم يطلبون العذاب عاجلا قبل وقته. ثم قال * (فإذا نزل) * يعني العذاب * (بساحتهم) * أي بفنائهم فساء صباح المنذرين أي بئس الصباح صباح من خوف وحذر، فلم يحذر، ولم يخف، فالساحة ناحية الدار، وهو فناؤها، وهو الفناء الواسع فلذلك وصف بأنه نازل به العذاب لعظمه ولا يسعه إلا الساحة ذات الفناء الواسع. وقال السدي: نزل بساحتهم أي بدارهم وساء إذا كانت بمعنى بئس لا تتصرف مثل هذه. ومثل قوله * (ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا) * (1) ولو كان بمعنى الاخبار المحض لجاز أن يقال: ساءه يسوءه سوءا أي أوقع به ما يسوءه.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله * (فتول عنهم حتى حين) * أي اعرض عنهم إلى حين وقد فسرناه. و * (أبصر فسوف يبصرون) * وقد مضى معناه، وإنما كرر لأنهما عذابان عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فكأنه قال وأبصرهم في عذاب الآخرة وأبصرهم في عذاب الدنيا.
ثم قال " سبحان ربك رب الغرة عما يصفون " أي التنزيه لربك عما لا يليق به من الصفات، ربك الذي خلقك ويملك التصرف فيك رب العزة يعني العزة التي يعز الله بها الأنبياء والمرسلين، وهي صفة القادر الذي

(1) سورة 7 الأعراف آية 176
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»
الفهرست