التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٣٣
الولد من يجوز أن يكون مثل ذلك ولد له، ولذلك لا يجوز أن يتخذ الشاب شيخا ولدا، ولا أن يتخذ الانسان بعض البهائم ولدا، لما لم يكن ذلك ممكنا، فإذا استحال الولد عليه تعالى، فما هو مشبه به أولى بأن يستحيل عليه.
وأصل (اصطفى) (اصطفى) فقلبت التاء طاء لتعدل الحروف في الاطباق والاستعلاء بما هو من مخرج التاء، فالطاء وسط بين الحرفين لمناسبتها التاء بالمخرج، والصاد بالاستعلاء والاطباق.
قوله * (مالكم كيف تحكمون) * تهجين لهم بوضعهم الشئ في غير موضعه لأنهم وضعوه موضع الحكمة، وليس الامر كذلك إذ أنتم على فاحش الخطأ الذي يدعو إليه الجهل. وقوله * (أم لكم سلطان مبين) * معناه هل لكم حجة ظاهرة وبرهان بين في ما تدعونه وتحكمون به. وسمي البرهان سلطانا، لأنه يتسلط به على الانكار لمخالفة الحق والصواب. والبيان إظهار المعنى للنفس.
ثم قال على وجه الانكار عليهم * (فأتوا بكتابكم) * إن كان معكم حجة من كتاب أنزله الله إليكم فهاتوه * (إن كنتم صادقين) * في هذا القول، فإنهم لا يقدرون على ذلك ابدا.
ثم اخبر تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم * (جعلوا بينه وبين الجنة نسبا) * قال الحسن: أشركوا الشيطان في عبادة الله، فهو النسب الذي جعلوه.
وقال قوم: بل لأنهم قالوا: إنه تعالى تزوج من الجن - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وقيل: سميت الملائكة جنة لاستتارهم عن العيون. ومعنى الآية أن هؤلاء الكفار بجعلهم الملائكة بنات الله جعلوا بينه وبينهم نسبا، وهو قول مجاهد وقتادة.
ثم قال تعالى على وجه الرد عليهم * (ولقد علمت الجنة انهم لمحضرون) *
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»
الفهرست