التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٣٥
* (ما أنتم عليه بفاتنين) * وقال الفراء: تقديره، وإنكم وآلهتكم ما أنتم عليه بفاتنين أي بمفتنين * (وما أنتم عليه) * أي وما أنتم على ذلك الدين بمصلين عليه وبه وله سواء في المعنى. وأهل نجد يقولون: أفتنت، وأهل الحجاز فتنت أي لستم عليه بفاتنين، والفاتن الداعي إلى الضلالة بتزيينه له، فكل من دعا إلى عبادة غير الله بالاغواء والتزيين فاتن، لأنه يخرجه إلى الهلاك، وأصل الفتنة من قولهم: فتنت الذهب بالنار إذا أخرجته إلى حال الخلاص * (وفتناك فتونا) * (1) أي أخرجناك بالامر الحق إلى حال الخلاص.
وقوله * (إلا من هو صال الجحيم) * أي لستم تفتنون إلا من يصلى الجحيم، ومعناه إلا من يلزم النار ويحترق بها، ومنه المصطلي، وهو المستدفئ بالنار، ومنه الصلاة للزوم الدعاء فيها، والمصلي الذي يجئ بعد السابق للزومه أثره. والمعنى ان من يقبل من هذا الفاتن وينقاد له، فهو يصلى الجحيم وقوله * (وما منا إلا له مقام معلوم) * معناه ما منا ملك إلا له مقام، فحذف ومعناه لا يتجاوز ما أمر به ورتب له، كما لا يتجاوز صاحب المقام مقامه الذي حد له، فكيف يجوز ان يعبد من هو بهذه الصفة، وهو عبد مربوب ووصف المقام بأنه معلوم، لأنه معلوم لله على ما تقتضيه الحكمة، وهو محدود لا يتجاوز ما علم منه ولا يخرج منه.
وقوله * (وإنا لنحن الصافون) * قيل: صافون حول العرش ينتظرون الأمر والنهي من الله تعالى، وقيل: الصافون في الصلاة: وقوله * (وإنا لنحن المسبحون) * معناه المصلون من قولهم: فرغت من سبحتي أي من

(1) سورة 20 طه آية 40
(٥٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»
الفهرست