التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٤
والعوض وضروب التفضل في الآخرة، والآخرة وإن كانت ليست دار تكليف فلا يسقط فيها الحمد والاعتراف بنعم الله تعالى، بل العباد ملجأون إلى فعل ذلك لمعرفتهم الضرورية بنعم الله تعالى عليهم وما يفعل من العقاب بالمستحقين فيه أيضا إحسان لما للمكلفين به في دار الدنيا من الألطاف والزجر عن المعاصي ويفعل الله العقاب بهم لكونه مستحقا على معاصيه في دار الدنيا، ومن حمد أهل الجنة قولهم: الحمد لله الذي صدقنا وعده. وقولهم: الحمد لله الذي هدانا لهذا.
وقيل: إنما يحمده أهل الآخرة من غير تكليف على وجه السرور به * (وهو الحكيم) * في جميع أفعاله، لأنها كلها واقعة موقع الحكمة * (الخبير) * العالم بجميع المعلومات. ثم وصف نفسه بأنه * (يعلم ما يلج في الأرض) * من سائر أنواع الأشياء * (وما يخرج منها) * كذلك. وقال الحسن: معناه يعلم ما يلج في الأرض من المطر، وما يخرج منها من النبات، والولوج الدخول، ولج يلج ولوجا، قال الشاعر:
رأيت القوافي يلجن موالجا * تضايق عنه ان تولجه الابر (1) ومعنى * (ما ينزل من السماء) * قال الحسن: يعني من الماء * (وما يعرج فيها) * من ملك فهو يجري جميع ذلك على تدبير عالم به وتوجبه المصلحة فيه.
ثم حكى عن الكفار أنهم يقولون * (لا تأتينا الساعة) * يعني القيامة تكذيبا للنبي صلى الله عليه وآله في ذلك ف‍ * (قل) * لهم يا محمد * (بلى) * تأتيكم * (و) * حق الله * (ربي) * الذي خلقني وأخرجني من العدم إلى الوجود * (لتأتينكم) * الساعة * (عالم الغيب) * من جر * (عالم) * جعله صفة لقوله * (وربي) * وهو في موضع جربوا والقسم. ومن رفعه، فعلى انه خبر ابتداء محذوف، وتقديره هو عالم

(1) تفسير الطبري 22 / 37
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست