التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٨
بعد ان لأنها حروف لا تتصرف في نفسها ولا في معمولها. وقوله " أفترى على الله كذبا " قال قوم: اسقط ألف الاستفهام من (أفترى) لدلالة (أم) عليه.
وقال الرماني: هذا غلط، لان الف الاستفهام لا تحذف إلا في ضرورة وإنما القراءة بقطع الألف، فألف الاستفهام ثابتة وألف (افتعل) سقطت، لأنها زائدة، ومثله قوله * (بيدي استكبرت) * (1) وقوله * (أصطفى النبات) * (2) وقوله " سواء عليهم استغفرت لهم " (3) ونظائره كثيرة. ولم يفصل بينها بمدة لان الثانية مكسورة ففارق همزة " آلله خير اما يشركون " (4) ولو لم تقطع لكان خبرا بعده استفهام، والمعنى إن هؤلاء الكفار الذين يتعجبون من قول النبي صلى الله عليه وآله إن الله يعيد الخلق بعد إماتتهم خلقا جديدا، هل كذب على الله متعمدا " أم به جنة " يعنون جنونا فيتكلم بمالا يعلم فقال الله تعالى ليس كما يقولون: " بل الذين لا يوقنون " أي لا يصدقون بالآخرة وبما فيها من الثواب والعقاب " في العذاب والضلال البعيد " يعني العدول البعيد عن الحق، فلذلك يقولون ما يقولون، بل نبههم على صحة ما يقول النبي صلى الله عليه وآله من الإعادة فقال " أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض " فيفكروا فيه ويعتبروا به وإن الله تعالى خلقه واخترعه وأنه " ان نشأ نخسف بهم الأرض " من تحت أرجلهم " أو نسقط عليهم كسفا " يعني قطعة من السماء ثم قال " إن في ذلك لآية " ودلالة " لكل عبد منيب " أي راجع إلى الله تعالى. ووجه التنبيه بالآية أن ينظروا فيعلموا أن السماء تحيط بهم، والأرض حاملة لهم، وفهم في قبضتنا " إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم السماء " أفما يحذرون

(1) سورة 38 ص آية 75 (2) سورة 37 الصافات آية 153 (3) سورة 63 المنافقون آية 6 (4) سورة 27 النمل آية 59
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست