التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٥
الغيب. ومن قرأ * (علام) * أراد المبالغة في وصفه بأنه عالم الغيب، والغيب كل شئ غاب عن العباد علمه * (لا يعزب عنه) * أي لا يفوته * (مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) * بل هو عالم بجميع ذلك، يقال: عزب عنه الشئ يعزب ويعزب لغتان، في المضارع * (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) * أي ولا يعزب عنه علم ما هو أصغر من مثقال ذرة، ولا علم ما هو أكبر منه * (إلا في كتاب مبين) * يعني اللوح المحفوظ الذي أثبت الله تعالى فيه جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة ليطلع عليه ملائكته، فيكون لطفا لهم، ويكون للمكلفين أيضا في الاخبار عنه لطف لهم.
ثم بين أنه إنما أثبت ذلك في الكتاب المبين * (ليجزي) * على ذلك * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * بنعيم الجنة وهو قوله * (أولئك لهم مغفرة) * لذنوبهم وستر لها، ولهم مع ذلك * (رزق كريم) * قال قتادة: الرزق الكريم الجنة. وقال غيره: هو الهنئ الذي ليس فيه تنغيص، ولا تكدير. ثم بين أن الذين يسعون في آيات الله وحججه * (معاجزين) * له أي متعاونين مجاهدين في ابطال آياته * (أولئك لهم عذاب) * على ذلك * (من رجز اليم) * فمن جر * (أليم) * جعله صفة * (رجز) * والرجز هو الرجس، وقال قوم: هو شئ العذاب وقال آخرون:
هو العذاب. والرجز بضم الراء الصنم ومنه قوله * (والرجز فاهجر) * (1) وقال أبو عبيدة * (معاجزين) * بمعنى سابقين و * (معجزين) * معناه مثبطين - في قول الزجاج.
قوله تعالى:
* (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك

(1) سورة 74 المدثر آية 5
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»
الفهرست