التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٠
فحلني ثم أفناه الزمان ولم يطق * دفاعا لما قد حم من قدر وكلهم قائل لي أنت لي ولمن * خلفت من ولدي حظرا على البشر فما تملى بنو الآباء بعدهم * ولا هم سكنوا إلا على غرر وقد قال بعض الحكماء: سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجنى ثمارك؟ فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا، والعرض على وجوه يقال: عرضت المال والعمل على فلان، فهذا بالقول والخطاب، وعرضت هذا الامر على فكري البارحة، وهذا أمر إن عرض على العقول لم تقبله، ومنه قولهم: عرضت الناقة على الحوض، يريدون عرضت الحوض على الناقة و (الاباء) على وجوه: فمنه الامتناع وإن لم يكن قصد لذلك، ومنه ألا يصلح لما يريده، تقول: أردت سل سيفي فأبى علي. وتقول: هذه الأرض تأبى الزرع والغرس أي لا تصلح لهما، فعلى هذا يكون معنى قوله " فأبين أن يحملنها " أي لا تصلح لحملها، وليس في طباعها حمل ذلك، لأنه لا يصلح لحمل الأمانة إلا من كان حيا عالما قادرا سميعا بصيرا. بل لا يلزم أن يكون سميعا بصيرا، وإنما يكفي أن يكون حيا عالما قادرا. وقال قوم: معناه إنا عرضنا الأمانة على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال، كما قال " فما بكت عليهم السماء والأرض " (1) يعني أهل السماء وأهل الأرض، فأبوا حملها على أن يؤدوا حق الله فيها إشفاقا من التقصير في ذلك * (وحملها الانسان) * يعني الكافر جهلا بحق الله واستخفافا بعرضه * (إنه كان ظلوما) * لنفسه * (جهولا) * بما يلزمه القيام بحق الله، وإنما قال * (فأبين) * ولم يقل: فأبوا حملا على اللفظ، ولم يرده إلى معنى الآدميين، كما قال * (والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) * (2) وقوله

(1) سورة 44 الدخان آية 29 (2) سورة 12 يوسف آية 4
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست