التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٨٣
و " تماثيل " جمع تمثال وهو صورة. فبين أنهم كانوا يعملون أي صورة أرادها سليمان. وقال قوم: كانوا يعملون له صورة الملائكة. وقال آخرون: كانوا يعملون له صورة السباع والبهائم على كرسيه ليكون أهيب له، فذكر أنهم صوروا أسدين وفوق عمودي الكرسي نسرين، فكان إدا أراد صعود الكرسي بسط له الأسد ذراعه، فإذا علا فوق الكرسي نشر النسران جناحيهما، فظللا عليه لئلا يسقط عليه شئ من الشمس، ويقال: إن ذلك ممالا يعرفه أحد من الناس، فلما حاول بخت نصر صعود الكرسي بعد سليمان حين غلب على بني إسرائيل لم يعرف كيف كان يصعد سليمان، فرفع الأسد ذراعه فضرب ساقه فقدها فوقع مغشيا عليه، فما جسر أحد بعده أن يصعد على ذلك الكرسي.
" وجفان كالجواب " واحدها جفنة وهي القصعة الكبيرة، والجوابي جمع جابية، وهي الحوض الذي يجئ الماء فيه، قال أبو علي النحوي: إثبات الياء مع الألف واللام أجود، وحذفها يجوز، وقال الأعشى في جفنة:
تروح على آل المحلق جفنة * كجابية الشيخ العراقي تفهق (1) وقال آخر:
فصبحت جابية صها وجا * كأنه جلد السماء خارجا (2) وقال ابن عباس: الجوابي الحياض " وقدور راسيات " يعني عاليات ثابتات لا تنزل، ثم نادى آل داود وأمرهم بالشكر على ما أنعم عليهم من هذه النعمة العجيبة التي أنعم بها عليهم، لان نعمته على داود نعمة عليهم، فقال " اعملوا آل داود شكرا " ثم قال تعالى " وقليل من عبادي الشكور " أي من يشكر نعمي قليل، والأكثر يجحدون نعم الله لجهلهم به، وتركهم معرفته.

(١) تفسير القرطبي ١٤ / 275 (2) تفسير الطبري 22 / 43
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست