التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٨٨
وقال جرير:
الواردون وتتم في ذرى سبأ * قد عض أعناقهم جلد الجواميس (1) ثم قال " وبدلناهم بجنتيهم " التي فيها أنواع الفواكه والخيرات " جنتين " أخراوين وسماها جنتين لازدواج الكلام، كما قال " ومكروا ومكر الله " (2) و " يخادعون الله وهو خادعهم " (3) " ذواتي أكل خمط " أي صاحبتي خمط فالاكل جني الثمار الذي يؤكل، والخمط نبت قد أخذ طعما من المرارة حتى لا يمكن أكله - في قول الزجاج - وقال أبو عبيدة هو كل شجر ذي شوك.
وقال ابن عباس والحسن: هو شجر الأراك، وهو معروف. والأثل الطرفا قال قتادة: بدلوا بخير الشجر شر الشجر، فالخمط شجر له ثمر مر. والأثل ضرب من الخشب كالطرفا، إلا أنه أكبر. وقيل: الأثل التمر " وشئ من سدر قليل " أي فيهما مع الخمط، والأثل قليل من السدرة.
ثم قال " ذلك جزيناهم بما كفروا " في نعم الله " وهل نجازي " بهذا الجزاء " إلا الكفور " من كفر نعم الله، فمن قرأ بالنون فلقوله " جزيناهم ". ولا يمكن الاستدلال بذلك على أن مرتكب الكبيرة كافر من حيث هو معذب، لان الله تعالى بين أنه لا يجازي بهذا النوع من العذاب الذي هو الاستئصال إلا من هو كافر، وإن جاز أن يعذب الفاسق بغير ذلك من العذاب. وقال الفراء: المجازاة المكافأة، ومن الثواب الجزاء، تقول: جازاه على معصيته، وجزاه على طاعته.
وقال غيره: لا فرق بينهما.
ثم بين تعالى انه جعل بين سبأ، وبين القرى التي بارك فيها. قال قتادة

(1) مر تخريجه في 6 / 388 (2) سورة 3 آل عمران آية 54 (3) سورة 4 النساء آية 141
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست