التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٢
جبرائيل فيعرف الملائكة، ويفزع عن أن يكون شئ من امر الساعة، فإذا * (خلا عن قلوبهم) * وعلموا أن ذلك ليس من امر الساعة * (قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق) * وتقديره قالوا قال الحق. فمن قرأ بفتح الفاء أسند الفعل إلى الله، ومن ضمها بنى الفعل للمفعول به، وكان الجار والمجرور في موضع رفع. وقال الحسن: فزع بمعنى كشف الفزع عن قلوبهم، وفزعت منه، والمفزع على ضربين: أحدهما - من ينزل به الافزاع. الثاني - من يكشف عنه الفزع.
وقوله * (وفزع) * له معنيان أحدهما بمعنى ذعر، والثاني - أزال الفزع وقال اليربوعي:
حللنا الكثيب من زرود لنفزعا أي لنغيث. لما اخبر الله تعالى ان إبليس صدق ظنه في الكفار بإجابتهم له إلى ما دعاهم إليه من المعاصي بين انه لم يكن لإبليس عليهم سلطان. و (من) زائدة تدخل مع النفي نحو قولهم ما جاءني من أحد. والسلطان الحجة، فبين بهذا ان الشيطان لم يقدر على أكثر من أن يغويهم ويوسوس إليهم ويزين لهم المعاصي، ويحرضهم عليها. وقوله * (إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك) * تقديره إنا لم نمكنه من اغوائهم ووسوستهم إلا لنميز من يقبل منهم ومن يمتنع ويأبى متابعته، فنعذب من تابعه ونثيب من خالفه، فعبر عن تمييزه بين الفريقين بالعلم، وهو التمييز مجردا، لأنه لا يكون العذاب والثواب إلا بعد وقوع ما يستحقون به ذلك، فأما العلم، فالله تعالى عالم بأحوالهم، وما يكون منها في ما لم يزل، وقيل: إن معناه إلا لنعلم طاعاتهم موجودة أو عصيانهم إن عصوا فنجازيهم يحسبها، لأنه تعالى لا يجازي أحدا على ما يعلم من حاله إلا بعد ان يقع منهم ما يستحق به من ثواب أو عقاب، وقيل: معناه إلا لنعامل معاملة
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست