التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٧
وصريح الآية يدل على بطلان قول من قال لا يهدي إلى الحق الا الله تعالى، لان الله تعالى بين ان فيمن خلقه أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، وظاهر ذلك الحقيقة وصريح الآية بخلاف ما يقوله المخالف، ولا ينافي ذلك قوله تعالى " من يهد الله فهو المهتدي " (1) لأنه يصح اجتماعه مع ذلك، والمعنى من يهده الله إلى الجنة فهو المهتدي إليها على أن قوله تعالى " من يهد الله فهو المهتدي، لا يمنع من أن يهديه أيضا غير الله ويهتدي، لان المتعلق بذلك تعلق بدليل الخطاب. وهو ليس بصحيح عند أكثر العلماء، على أن من هدى غيره إلى الحق فإنما يهديه بأن ينبهه على الحجج التي نصبها الله على الحق فجاز ان يضاف ذلك إلى أنه بهداية الله. ومن حمل قوله تعالى " يهدون " على أن المعنى يهتدون فقد غلط، لان ذلك لا يعرف في اللغة.
قوله تعالى:
(وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) (159) آية.
قد مضى تأويل معنى أكثر هذه الآية في سورة البقرة (2) فلا معنى للتطويل بذكر ما مضى وإنما نذكر ما لم يذكر هناك: إنما أنث قوله اثنتي عشرة أسباطا لأن النية التقديم والتأخير والتقدير وقطعناهم أمما اثنتي عشرة أسباطا ولم

(1) سورة الأعراف آية 177 (2) آية 60 من سورة البقرة المجلد 1 / 269
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست