التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٩
التخلية، وإن وقع على وجه المعصية، كما قال تعالى: " أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " (1).
وقوله تعالى: " إن ربك لشديد العقاب " معناه إن ربك يا محمد لسريع العقاب لمن يستوجبه على كفره ومعصيته " وانه لغفور رحيم " اي صفوح عن ذنوب من تاب إليه من معاصيه ورجع إلى طاعته يستر عليهم بعفوه وبفضله رحمة بهم فلا ينبغي لاحد ان يصر ويأمن عقابه بل ينبغي ان يجوز سرعة عقابه فيبادر إلى التوبة والاستغفار.
قوله تعالى:
وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون (167) آية اخبر الله تعالى انه قطع بني إسرائيل يعنى فرقهم فرقا في الأرض " أمما " يعني جماعات شتى متفرقين في البلاد، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وعلى اي وجه فرقهم؟ قيل فيه قولان:
أحدهما - فرقهم حتى تشتت أمرهم وذهب عزهم عقوبة لهم.
الثاني - فرقهم على ما علم أنه أصلح لهم في دينهم.
ثم اخبر عنهم فقال: من هؤلاء الصالحون يعني من بني إسرائيل الصالحون، وهم الذين يؤمنون بالله ورسله، ومنهم دون ذلك يعني دون الصالح، وإنما وصفهم بذلك لما كانوا عليه قبل ارتدادهم عن دينهم، وقبل كفرهم بربهم، وذلك قبل ان يبعث فيهم عيسى عليه السلام.
وقوله: " وبلوناهم بالحسنات والسيئات " معناه اختبرناهم بالرخاء في العيش

(1) سورة 19 مريم آية 84
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست