التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٢
القراء كلهم على فتح الياء في قوله تعالى (لا يسبتون) وروي عن الحسن ضمها.
من قال أسبتوا أراد دخلوا في السبت ومن فتح الياء أراد يفعلون السبت اي يقومون بأمره كما يفعل المسلمون يوم الجمعة، ومثله أجمعنا اي مرت بنا جمعة، وجمعنا شهدنا الجمعة. قال الفراء: قال لي بعض العرب: أترانا اشهرنا منذ لم نلتق يريد مر بنا شهرا.
امر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن يسأل بني إسرائيل الذين كانوا في وقته عن القرية التي كانت حاضرة البحر، وعن سبب هلاكها، سؤال تقرير وتوبيخ لا سؤال استفهام، كما يقول الرجل لغيره أنا فعلت كذا؟ وأنت تعلم أنك لم تفعل، وإنما تسأله لتقريره وتوبيخه، فوجه امر النبي صلى الله عليه وآله ان يسأل أهل الكتاب عن أهل هذه القرية مع ما اخبره الله تعالى بقصتها لتقرير هم تقديم كفرهم وتعلمهم ما لا يعلم الا بكتاب أو وحي، وهو صلى الله عليه وآله لم يكن ممن قرأ الكتب، فعلموا بذلك ان ذلك وحي انزل عليه.
وقوله تعالى (إذ يعدون في السبت) معناه إذ يظلمون في السبت، يقال عدا فلان يعدو عدوانا، وعدا عدوا إذا ظلم.
وقوله تعالى (إذ تأتيهم حيتانهم) في موضع نصب بيعدون.
والمعنى سلهم إذ عدوا في وقت اتيان الحيتان " شرعا " اي ظاهرة والحيتان جمع حوت وأكثر ما يسمي العرب السمك بالحيتان والنيتان، وكانت الحيتان تأتي ظاهرة فكانوا يحتالون بحبسها يوم السبت ثم يأخذونها في يوم الأحد. وقال قوم: جاهروا بأخذها يوم السبت.
وقوله تعالى (كذلك نبلوهم) اي مثل هذا الاختبار الشديد نختبرهم.
وموضع الكاف نصب بقوله: (نبلوهم بما كانوا يفسقون) اي شددت عليهم المحنة بفسقهم. قال الزجاج ويحتمل أن يكون " ويوم يسبتون لا تأتيهم كذلك " اي لا تأتيهم شرعا ويكون " نبلوهم " مستأنفا. والأول قول أكثر المفسرين.
والوجه في تشديد المحنة التي هي التكليف أن الله تعالى أمر بني إسرائيل
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست