التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٢٦
السورة لأنهم يزدادون عندها، ومثله كفى بالسلامة داء، كما قال الشاعر:
أرى بصري قد رابني بعد صحة * وحسبك داء أن تصح وتسلما (1) وقوله " وماتوا وهم كافرون " فيه بيان أن المرض في القلب أداهم إلى أن ماتوا على شر حال، لأنها تسوق إلى النار نعوذ بالله منها، وإنما قال " وماتوا " على لفظ الماضي لأنه عطف على قوله " زادتهم رجسا إلى رجسهم " والمعنى انهم يموتون وهم كافرون.
قوله تعالى:
أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون (127) آية.
قرأ حمزة ويعقوب " أولا ترون " بالتاء. الباقون بالياء.
قوله " أولا يرون " تنبيه وتقريع لمن عنى بالخطاب.
فمن قرأ بالتاء فوجهه أن المؤمنين نبهوا على إعراض المنافقين عن النظر والتدبر لما ينبغي أن ينظروا فيه ويتدبروا، لأنهم يمتحنون بالأمراض والأسباب التي لا يؤمن معها الموت، فلا يرتدعون عن كفرهم ولا ينزجرون عما هم عليه من النفاق، فلا يقدمون عليه إذا ماتوا فنبه المسلمين على قلة اعتبارهم واتعاظهم.
ومن قرأ بالياء وجه التقريع - بالاعراض عما يجب أن لا يعرضوا عنه من التوبة والاقلاع عما هم عليه من النفاق - إلى المنافقين دون المسلمين، لان المسلمين قد عرفوا ذلك من أمرهم. وكان الأولى أن يلحق التنبيه من يراد تنبيهه وتقريعه بتركه ما ينبغي ان يأخذ به. وتحتمل الرؤية في الآية على القراءتين أن تكون متعدية إلى مفعولين. وأن تكون من رؤية العين أولى فإذا جعلت متعدية إلى مفعولين

(1) قائله حميد بن ثور الهلالي العقد الفريد 2 / 331
(٣٢٦)
مفاتيح البحث: المرض (1)، الموت (1)، النفاق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست