التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٢٣
ان المنذر إذا ورد على المكلف وخوفه من ترك النظر فإنه يجب عليه النظر ولا يجب عليه القبول منه قبل ان يعلم صحته من فساده، وكذلك إذا ادعى مدع النبوة وان معه شرعا وجب عليه ان ينظر في معجزه ولا يجب عليه القبول منه وتصديقه قبل ان يعلم صحة نبوته. فكذلك لا يمتنع ان يجب على الطائفة الانذار ويجب على المنذرين البحث والتفتيش حتى يعلموا صحة ما قالوه فيعملوا به، وقد استوفينا الكلام في ذلك في كتاب أصول الفقه لا نطول بذكره هاهنا.
وقيل: ان اعراب أسد قدموا على النبي صلى الله عليه وآله المدينة فغلت الأسعار وملؤوا الطرق بالعذرة فأنزل الله تعالى الآية يقول: فهلا جاء منهم طوائف ثم رجعوا إلى قومهم فأخبروهم بما تعلموا. وروى الواقدي ان قوما من خيار المسلمين خرجوا إلى البدو يفقهون قومهم فاحتج المنافقون في تأخرهم عن تبوك بأولئك فنزلت " وما كان المؤمنون لينفروا كافة " قال: وفيهم نزلت " والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة " (1) يعني ان احتجوا بتأخير هؤلاء في البادية فإنهم مستجيبون مؤمنون، فكيف يكون لهم بهم أسوة أو حجة في تأخرهم وهم منافقون مدهنون. وقال أبو جعفر عليه السلام كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله ان ينفر منهم طائفة وتقيم للتفقه وأن يكون الغزو نوبا.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين (124) آية.
روى المفضل عن عاصم (غلظة) بفتح الغين. الباقون بكسرها، قال أبو الحسن قراءة الناس بالكسر، وهي العربية، قال وبه أقرأ ولا أعلم الفتح لغة. وقال غيره:

(1) سورة 42 الشورى آية 16.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست