التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٣٤
قدم خير بأعمالهم الصالحة. وقال قتادة: معناه لهم سلف صدق. وقال الضحاك: لهم ثواب صدق. وقال ابن عباس: لهم ما قدموه من الطاعات.
وقوله " قال الكافرون إن هذا لساحر مبين " حكاية عن الكفار أنهم يقولون إن النبي ساحر مظهر، أو ما أتى به سحر مبين على اختلاف القراءات. والسحر فعل يخفى وجه الحيلة فيه حتى يتوهم أنه معجز. والعمل بالسحر كفر لادعاء المعجزة به، ولا يمكن مع ذلك معرفة النبوة. وقال الزجاج: المراد ب‍ (الناس) في الآية أهل مكة. وقيل إنهم قالوا: لم يجد الله من يبعثه رسولا إلا يتيم أبي طالب؟!
قوله تعالى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (3) آية خاطب الله تعالى بهذه الآية جميع الخلق وأخبرهم بأن الله الذي يملك تدبيركم وتصريفكم بين أمره ونهيه ويجب عليكم عبادته " الله الذي خلق السماوات والأرض " فاخترعهما وأنشأهما على ما فيهما من عجائب الصنعة ومتقن الفعل. وإطلاق الرب لا يقال إلا فيه تعالى، فاما غيره فإنه يقيد له، فيقال: رب الدار، ورب الضيعة بمعنى أنه مالكها. وكذلك معنى قوله " رب العرش " والربوبية ملك التدبير الذي يستحق به العبادة. وقيل في الوجه " الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام " بلا زيادة ولا نقصان مع قدرته على إنشائهما دفعة واحدة قولان:
أحدهما - أن في اظهارهما كذلك مصلحة للملائكة وعبرة لهم.
والثاني - لما فيه من الاعتبار إذا أخبر عنه بتصرف المال كما صرف الله
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست