التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٢٩
من أنفسكم في اشرف نسبه منكم، ومن أنفسكم في القرب منكم، ومن أنفسكم بالاختصاص بكم.
وقوله " عزيز عليه " أي شديد عليه لأنه لا يقدر على ازالته، والعزيز في صفات الله معناه المنيع القادر الذي لا يتعذر عليه فعل ما يريده. والعزة امتناع الشئ بما يتعذر معه ما يحاول منه، وهو على ثلاثة أوجه: امتناع الشئ بالقدرة أو بالقلة أو بالصعوبة. وقوله " ما عنتم " يعني ما يلحقكم من الأذى الذي يضيق الصدر به ولا يهتدى للخروج منه. ومنه قيل: فلان يعنت في السؤال، ومنه قوله تعالى " ولو شاء الله لا عنتكم " (1) أي ضيق عليكم حتى لا تهتدوا للخروج منه، والعنت إلقاء الشدة. و (ما) في قوله " ما عنتم " بمعنى الذي، وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره (عزيز) قدم عليه. وقال الفراء: هو رفع ب‍ (عزيز). وقوله " حريص عليكم " فالحرص شدة الطلب للشئ على الاجتهاد فيه. والمعنى: حريص عليكم ان تؤمنوا - في قول الحسن - ثم استأنف فقال " بالمؤمنين رؤوف رحيم " أي رفيق بهم رحيم عليهم.
قوله تعالى:
فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (130) آية.
معنى " فان تولوا " إن ذهبوا عن الحق واتباع الرسول وما يأمرهم به واعرضوا عن قوله. ونقيض التولي عنه التوجه إليه. ومثل التولي الاعراض. وقال الحسن:
المعنى فان تولوا عن طاعة الله. وقيل " فان تولوا " عنك، ومعناه فان ذهبوا عنك هؤلاء الكفار، ولم يقروا بنبوتك " فقل " يا محمد " حسبي الله " ومعناه كفاني الله وهو

(1) سورة 2 البقرة آية 220
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست