التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٤٠
يميز بعضها من بعض " لقوم يعلمون " ذلك ويتبينونه. وقال قوم: معناه لقوم لهم عقول يتناولهم التكليف ويصح منهم الاستدلال دون البهائم ومن لا عقل له.
قوله تعالى:
إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق في السماوات والأرض لايات لقوم يتقون (6) آية.
الاختلاف ذهاب كل واحد من الشيئين في غير جهة الاخر، فاختلاف الليل والنهار ذهاب أحدهما في جهة الضياء والاخر في جهة الظلام. والليل عبارة عن وقت غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهو جمع ليلة كتمرة وتمر. والنهار عبارة عن اتساع الضياء من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. والنهار واليوم معناهما واحد إلا أن في النهار فائدة اتساع الضياء. وقوله " وما خلق الله في السماوات والأرض " معناه ما قدر فيهما وفعله على مقدار تقتضيه الحكمة: من الحيوان والنبات وغيرهما ومن غير نقصان ولا زياد، وإن في رفعه السماء بلا عمد، وتسكينه الأرض بلا سند، مع عظمها لا عظم آيات لمن تفكر في ذلك وتعقله، ويتقي مخالفته. والخلق مأخوذ من خلقت الأديم إذا قدرته. وإنما خص ما خلق في السماوات والأرض بالذكر للاشعار بوجوه الدلالات إذ قد يكون الدلالة في الشئ من جهة الخلق، وقد تكون من جهة اختلاف الصورة ومن جهة حسن المنظر، ومن جهة كثرة النفع ومن جهة عظم الامر، كالجبل والبحر. وقوله " لايات لقوم يتقون " معناه ان في هذه الأشياء التي ذكرها دلالات على وحدانية الله لقوم يتقون معاصيه ويخافون عقابه، وخص المتقين بالذكر لما كانوا هم المنتفعين بها دون غيرهم.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست