التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣١٥
لهما قد رشتاهما وبردتا الماء وهيأتا له الطعام، فقام على العريشين فقال: سبحان الله رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر في الضح والريح والحر والقر يحمل سلاحه على عاتقه وأبو خيثمة في ظلال باردة وطعام مهيأ وامرأتين حسناوين ما هذا بالنصف، ثم قال. والله لا أكلم واحدة منكما كلمة ولا ادخل عريشا حتى الحق بالنبي صلى الله عليه وآله فأناخ ناضحه واشتد عليه وتزود وارتحل وامرأتاه تكلمانه ولا يكلمهما ثم سار حتى إذا دنا من تبوك، قال الناس: هذا راكب على الطريق فقال النبي صلى الله عليه وآله كن أبا خيثمة، فلما دنا قال الناس: هذا أبو خيثمة يا رسول الله فأناخ راحلته وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له النبي صلى الله عليه وآله أولى لك. فحدثه الحديث، فقال له خيرا، ودعا له، فهو الذي زاغ قلبه للمقام. ثم ثبته الله.
وقيل: إن من شدة ما لحقهم هم كثير منهم بالرجوع فتاب الله عليهم، وقيل من بعد ما كان شك جماعة منهم في دينه ثم تابوا فتاب الله عليهم، وقوله " ثم تاب عليهم " أي رجع عليهم بقبول توبتهم " إنه بهم رؤوف رحيم " إخبار منه تعالى أنه بهم رؤوف، فالرأفة أعظم الرحمة، قال كعب بن مالك الأنصاري:
نطيع نبينا ونطيع ربا * هو الرحمن كان بنا رؤوفا (1) وقال آخر:
ترى للمسلمين عليك حقا * كمثل الوالد الرؤف الرحيم (2) قوله تعالى:
وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض

(١) مر تخريجه في ٢ / ١٢ وهو مجاز القرآن ١ / ٢٧٠ (٢) اللسان " رأف " نسبه إلى جرير وروايته " يرى للمسلمين عليه " و " كفعل " بدل " كمثل " ومجاز القرآن 1 / 271
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست