التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣١٧
السرور لأنه لا يشغل عن ادراك الأمور. ومعنى " بما رحبت " اي بما اتسعت تقول:
رحبت رحبا، ومنه مرحبا واهلا اي رحبت بلادك وأهلت، وضيق أنفسهم ههنا بمعنى ضيق صدورهم، بالهم الذي حصل فيها. وقوله " وظنوا ان لا ملجأ من الله إلا إليه " معناه وعلموا انه لا يعصمهم منه موضع إذا اعتصموا به والتجؤا إليه كأنه قال: لا معتصم من الله إلا به، لجأ يلجأ لجاء وألجأه إلى كذا إلجاء إذا صيره إليه بالمنع من خلافه. والتجأ إليه التجاء وتلاجؤا تلاجؤا. وقوله " ثم تاب عليهم ليتوبوا " قيل في معناه ثلاثة أقوال: أحدها - لطف لهم في التوبة، كما يقال في الدعاء: تاب الله عليه. الثاني - قبل توبتهم ليتمسكوا بها في المستقبل.
الثالث - قبل توبتهم ليرجعوا إلى حال الرضا عنهم. وقال الحسن: جعل لهم التوبة ليتوبوا بها، والمخرج ليخرجوا به. وقوله " ان الله هو التواب الرحيم " اخبار منه تعالى بأنه يقبل توبة عباده كثيرا ويغفر ذنوبهم إذا رجعوا إليه لرحمته عليهم ورأفته بهم. وكان أبو عمرو يحكي عن عكرمة بن خالد " وعلى الثلاثة الذين خلفوا " بفتح الخاء والتخفيف وكان لا يأخذ بها. فان قيل: ما معنى التوبة عليهم واللائمة لهم وهم قد خلفوا فهلا عذروا؟
قيل: ليس المعنى انهم أمروا بالتخلف أو رضي منهم به بل كقولك لصاحبك:
أين خلفت فلانا؟ فيقول: بموضع كذا ليس يريد انه امره بالتخلف هناك بل لعله أن يكون نهاه وإنما يريد انه تخلف هناك قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (120) آية هذا امر من الله تعالى للمؤمنين المصدقين بالله والمقرين بنبوة نبيه بأن يتقوا معاصي الله ويجتنبوها وأن يكونوا مع الصادقين الذين يصدقون في اخبارهم ولا يكذبون، قال ابن مسعود: لا يصلح من الكذب جد ولا هزل، ولا ان يعد
(٣١٧)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست