التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٥
أن يجعل مبتدأ والاخر الخبر مثل من نون وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، وعلى هذا قراءة من قرأ " قل هو الله أحد الله " فحذف التنوين لالتقاء الساكنين.
فان قيل كيف أخبر الله عن اليهود بأنهم يقولون عزير ابن الله واليهود تنكر هذا؟! قلنا: إنما اخبر الله بذلك عنهم، لان منهم من كان يذهب إليه، والدليل على ذلك ان اليهود في وقت ما انزل الله القرآن سمعت هذه الآية فلم تنكرها. وهو كقولك: الخوارج تقول بتعذيب الأطفال، وإنما يقول بذلك الأزارقة منهم خاصة.
قال ابن عباس: القائل لذلك جماعة جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقالوا له ذلك، وهم سلام ابن مشكم، ونعمان بن أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، فأنزل الله فيهم الآية.
وقوله " ذلك قولهم بأفواههم " معنا انه لا يرجع إلى معنى صحيح: فهو لا يجاوز أفواههم، لان المعنى الصحيح ما رجع إلى ضرورة العقل أو حجته أو برهانه أو دليل سمعي. وقوله " يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل " معناه يشابهون. ومنه قولهم امرأة ضهياء التي لا تحيض، ولا يخرج ثدياها اي اشبهت الرجال. وقال أبو علي الفارسي: ليست يضاهؤن من قولهم امرأة ضهياء، لأن هذه الهمزة زائدة غير أصلية لأنه ليس في الكلام شئ على وزن (فعيآء) ويشبه أن يكون ذلك لغة، كما قالوا أرجأت وأرجيت. واختار الزجاج أن تكون الهمزة أصلية، كما جاء كثير من الأشياء على وزن لا يطرد نحو (كنهبل) وهو الشجر العظام، وكذلك (قر نفل) لا نظير له. ووزنه (فعنلل).
وقال ابن عباس " الذين كفروا " أراد به عبدة الأوثان، وقال الفراء: يشابهونهم في عبادة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. وقال قوم في قولهم: الملائكة بنات الله. وقال الزجاج: شابهوهم في تقليدهم اسلافهم في هذا القول.
وقوله " قاتلهم الله " قيل في معناه ثلاثة أقوال: أحدها - قال ابن عباس معناه لعنهم الله. الثاني - معناه قتلهم الله كقولهم عافاه الله من السوء. الثالث -
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست