التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠١
الآية يقتضي أن الكفار أنجاس، ولا يجوز مع ذلك أن يمكنوا من دخول شئ من المساجد، لان شركهم أجري مجرى القذر الذي يجب تجنبه، وعلى هذا من باشر يد كافر، وجب عليه ان يغسل يده إذا كانت يده أو يد المشرك رطبة. وإن كانت أيديهما يا بستين مسحها بالحائط. وقال الحسن: من صافح مشركا فليتوضأ، ولم يفصل.
واختلفوا في هل يجوز دخولهم المسجد الحرام بعد تلك السنة أم لا؟
فروي عن جابر ابن عبد الله، وقتادة أنه لا يدخله أحد إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة. وقال عمر بن عبد العزيز: لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام، ولا يدخل أحد من اليهود والنصارى شيئا من المساجد بحال. وهذا هو الذي نذهب إليه. وقال الطبري وقتادة: سموا أنجاسا، لأنهم لا يغتسلون من جنابة.
وقوله " فان خفتم عيلة " فالعيلة الفقر، تقول: عال يعيل إذا افتقر قال الشاعر:
وما يدري الفقير متى غناه * وما يدري الغني متى يعيل (1) وكانوا خافوا انقطاع المتاجر بمنع المشركين، فقال الله تعالى " وإن خفتم عيلة " يعني فقرا بانقطاعهم، فالله يغنيكم من فضله إن شاء - في قول قتادة ومجاهد - وإنما علقه بالمشيئة لاحد أمرين: أحدهما - لان منهم من لا يبلغ هذا المعنى الموعود به، لأنه يجوز ان يموت قبله - في قول أبي علي - والثاني - لتنقطع الآمال إلى الله تعالى، كما قال " لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمين " (2). وقوله " أن الله عليم حكيم " معناه عالم بمصالحكم حكيم في منع المشركين من دخول المسجد الحرام.
قوله تعالى:
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون

(١) مر هذا البيت في ٣ / ١٠٩ وهو في مجاز القرآن 1 / 255 (2) سورة 48 الفتح آية 27.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست