التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٨
ميم، لأنه حرف صحيح من مخرج الواو مشاكل لها. ولما سمى الله تعالى الحجج والبراهين نورا سمى معارضتهم له اطفاء. وأضاف ذلك إلى الأفواه، لان الاطفاء يكون بالأفواه، وهو النفخ، وهذا من عجيب البيان مع ما فيه من تصغير شأنهم وتضعيف كيدهم، لان النفخ يؤثر في الأنوار الضعيفة دون الاقباس العظيمة ذكره الحسين بن علي المغربي. وقوله " ويأبى الله الا ان يتم نوره " الاباء الامتناع مما طلب من المعنى. قال الشاعر:
وإن أرادوا ظلمنا أبينا أي منعناهم من الظلم، وليس الاباء من الكراهة في شئ على ما يقول المجبرة لأنهم يقولون: فلان يأبى الضيم، فيمدحونه، ولا مدحة في كراهة الضيم لتساوي الضعيف والقوي في ذلك. وإنما المدح في المنع خاصة، ولذلك مدح عورة بن الورد بأنه أبى للضيم بمعنى أنه ممتنع منه، وقوله (وإن أرادوا ظلمنا أبينا) يدل على ذلك لأنه لا مدحة في أن يكرهوا ظلم من يظلمهم. وإنما المدحة في منع من أراد ظلمهم. والمنع في الآية يمنع الله إلا إتمام نوره. وإن كره الكافرون. ولا يجوز على قياس " ويأبى الله إلا أن يتم نوره " أن تقول: ضربت إلا أخاك، لان في الاباء معنى النفي، فكأنه قال: لا يمكنهم الله إلا أن يتم نوره. وإذا لم يكن في اللفظ مستثنى منه لم تدخل " إلا " في الايجاب، وتدخل في النفي على تقدير الحذف قال الشاعر:
وهل لي أم غيرها ان تركتها * أبى الله إلا أن أكون لها ابنما (1) والتقدير في الآية ويأبى الله كل شئ الا اتمام نوره. في قول الزجاج، وأنكر أن يكون في الآية معنى الجحد.

(١) تفسير القرطبي ٨ / ١٢١ ومعاني القرآن 4331.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست