التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٧
أقول لما جاءني فخره * سبحان من علقمة الفاخر (1) والآية تدل على أن المشرك مع الله في التحليل والتحريم على مخالفة امر الله كالمشرك في عبادة الله، لان استحلال ما حرم الله كفر بالاجماع. وكل كافر مشرك ولا يلزم على ذلك أن يكون من قبل من الشيطان باغوائه فارتكب المعاصي أن يكون كافرا على ما استدل به بعض الخوارج، لأنه إذا قبل من الشيطان ما يعتقد انه معصية ولا يقصد بذلك طاعة الشيطان ولا تعظيمه يكون فاسقا، ولا يكون كافرا. وليس كذلك من ذكره الله تعالى في الآية، لأنهم كانوا يقبلون تحريم علمائهم وأحبارهم ويقصدون بذلك تعظيمهم. ولا يلزم على ذلك قبول المعاصي من العالم، لان العامي يعتد بالرجوع إلى العالم فيقبل منه ما أدى اجتهاده إليه وعلمه، فإذا قصد العالم وأفتاه بغير ما علمه فهو المخطئ دون المستفتي. وليس كذلك هؤلاء، لأنهم ما كانوا تعبدوا بالرجوع إلى الأحبار والقبول منهم لأنهم لو كانوا تعبدوا بذلك لما ذمهم الله على ذلك.
قوله تعالى:
يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (33) آية.
اخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى انهم " يريدون ان يطفؤا نور الله بأفواههم " والاطفاء اذهاب نور النار. ثم استعمل في اذهاب كل نور. و " نور الله " القرآن والاسلام، في قول المفسرين: السدي والحسن. وقال الجبائي: نور الله: الدلالة والبرهان، لأنه يهتدى بها كما يهتدى بالأنوار.
وواحد الأفواه فم في الاستعمال، وأصله فوه فحذفت الهاء وأبدلت من الواو

(1) قائله الأعشى. وقد مر تخريجه في 3 / 81
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست