التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٦٠
قيل لكل مطعم. وقوله " قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين " معناه اتقوا معاصيه وكثرة سؤال الآيات، لأنكم ان كنتم مؤمنين بالله وبصحة نبوة عيسى، فقد أغناكم ما عرفتموه عن الآيات واتقوا سؤال نزول المائدة، فإنكم لا تعلمون ما يفعل الله بكم عند هذا السؤال.
قوله تعالى:
قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين (116) آية.
قبل في معنى (الإرادة) هاهنا قولان:
أحدهما - أن يكون بمعنى المحبة التي هي ميل الطباع.
الثاني - أن تكون الإرادة التي هي من أفعال القلوب، ويكون التقدير فيه نريد بسؤالنا هذا، كأنهم قالوا: نريد السؤال من أجل هذا الذي ذكرنا، وهذه الإرادة وان تقدمت المراد بأوقات لا توصف بأنها عزم، لأنها متعلقة بفعل الغير وقوله " تطمئن قلوبنا " يجوز أن يكونوا قالوه وهم مستبصرون في دينهم مؤمنون كما قال إبراهيم (ع) " أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " (1) تحقيقه لنزداد طمأنانية إلى ما نحن عليه من المعرفة، وان كانت المعرفة لا تكون إلا مع الثقة التامة، فان الدلائل كلما كثرت مكنت في النفس المعرفة.
وقوله " ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين " يعني الشاهدين له بتوحيده بالدليل الذي نراه في المائدة والشهادة لك بالنبوة من جهة ذلك الدليل. والصدق هو الاخبار بالشئ على ما هو به والكذب هو الاخبار بالشئ لا على ما هو به.

(1) سورة 2 البقرة آية 260.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست