التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٦
كان يقدره.
وقوله " باذني " أي تفعل ذلك باذني وأمري.
وقوله " فتنفخ فيها فتكون طيرا باذني " معناه انه نفخ فيها الروح، لان الروح جسم ويجوز أن ينفخها المسيح بأمر الله. والطير يؤنث ويذكر فمن أنث أراد الجمع ومن ذكر فعلى اللفظ. والطير واحده طائر مثل ضائن وضأن وراكب وركب. وقد قالوا (أطيار) مثل صاحب وأصحاب وشاهد وأشهاد، ويمكن أن يكون (أطيار) جمع طير مثل ثبت واثبات وبيت وأبيات.
قال أبو علي وقد ينفخها في الجسم على ما أخبر الله به جبرائيل، وعلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه يبعث إليه ملكا عند تمام مئة وعشرين يوما فينفخ فيه الروح ويكتب أجله ورزقه وشقي هو أم سعيد، وبين بقوله " فيكون طيرا باذني " أنه إذا نفخ المسيح (ع) فيها الروح قلبها الله لحما ودما، وخلق فيها الحياة فصارت طائرا بإذن الله وإرادته لا بفعل المسيح (ع) فلذلك قال " فيكون طيرا باذني ".
وقوله " وتبرئ الأكمه والأبرص باذني " معناه إنك تدعوني حتى أبرئ الأكمه، وهو الذي خلق أعمى. وقال الخليل: يكون الذي عمي بعد إن كان بصيرا والأصل الأول. والأبرص معروف ونسب ذلك إلى المسيح لما كان بدعائه وسؤاله.
وقوله " وإذ تخرج الموتى باذني " أي اذكر إذ تدعوني فأحيي الموتى عند دعائك وأخرجهم من القبور حتى يشاهدهم الناس أحياء. وإنما نسبه إلى عيسى لما بينا من أنه كان بدعائه.
وقوله " وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات " أي اذكر إذ كففت هؤلاء عن قتلك وإذ أيدتك حين جئتهم بالبينات مع كفرهم وعتوهم مع قولهم إن ما جئت به من الآيات سحر مبين. ويجوز أن يكون كفهم بألطافه التي لا يقدر عليها غيره، ويجوز أن يكون كفهم بالمنع والقهر كما منع من أراد
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست