التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٣
وقوله " ماذا أجبتم " تقرير للرسل في صورة الاستفهام على وجه التوبيخ للمنافقين عند اظهار فضيحتهم وهتك أستارهم على رؤوس الاشهاد.
وقول الرسل " لا علم لنا " قيل فيه ثلاثة أقوال:
أولها - قال الحسن والسدي ومجاهد أنهم قالوا ذلك لذهولهم من هول ذلك المقام. فان قيل كيف يجوز ذهولهم مع أنهم آمنون لا يخافون؟
كما قال " لا يحزنهم الفزع الأكبر " (1) وقال " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (2) قيل إن الفزع الأكبر دخول جهنم. وقوله " ولا خوف عليهم " هو كقولك للمريض لا خوف عليك، ولا بأس عليك، مما يدل على النجاة من تلك الحال، وخالف أبو علي في هذا ولم يجز الا ما نحكيه عنه.
الثاني - قال ابن عباس، ومجاهد - في رواية أخرى - ان معناه لا علم لنا إلا ما علمتنا فحذف لدلالة الكلام عليه.
الثالث - قال الحسن في رواية أخرى وأبو علي الجبائي: ان معناه لا علم لنا بباطن ما أجاب به أممنا لان ذلك هو الذي يقع على الجزاء.
وقال بعضهم معناه لا علم لنا مع علمك أي ليس عندنا شئ مما نعلمه الا وأنت عالم به وبكل ما غاب وحضر بدلالة قوله " إنك أنت علام الغيوب " وقيل في معنى قوله " انك أنت علام الغيوب " أنه قال علام للبالغة هاهنا لا للتكثير المعلوم.
قوله تعالى:
إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتورية والإنجيل وإذ

(1) سورة 21 الأنبياء آية 103 (2) سورة 3 آل عمران آية 70.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست