التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٠١
بسحر عظيم (115) آيتان بلا خلاف.
هذا حكاية قول السحرة أنهم قالوا لموسى اختر أحد شيئين إما أن تلقي أنت عصاك أو نحن نلقي عصينا، وإنما دخلت (أن) في قوله " إما أن تلقي " ولم تدخل في " إما يعذبهم وإما يتوب عليهم " (2) لان فيه معنى الامر كأنهم قالوا: اختر إما أن تلقي أي إما القاؤك وإما القاؤنا، ومثله " اما أن تعذب واما أن تتخذ فيهم حسنا " (3) فموضع (ان) نصب، ويجوز أيضا أن يكون التقدير إما إلقاؤك مبدوء به وإما القاؤنا، ويجوز أن تقول: يا زيد اما أن تقوم أو تقعد، ولا يجوز أن تقول يا زيد ان تقوم أو تقعد، لان (إما) يبتدأ بالمعنى فيها أي بمعنى التخيير، فلذلك تدل على معنى اختر، وليس كذا (أو) وقد يقع موقع (اما) وليس بجيد، كما قال الشاعر:
فقلت لهن امشين إما نلاقه * كما قال أو تشفى النفوس فنعذرا (4) وقال ذو الرمة:
فكيف بنفس كلما قلت أشرفت * على البرء من حوصاء هيض اندمالها تهاض بدار قد تقادم عهدها * واما بأموات ألم خيالها (5)

(٢) سورة ٩ التوبة آية ١٠٧.
(٣) سورة ١٨ الكهف آية ٨٧.
(٤) معاني القرآن للفراء ١ / ٣٩٠.
(٥) هذان البيتان للفرزدق. ديوانه ٢ / ٦١٨ ومجاز القرآن 1 / 390.
وهما مطلع قصيدة له يمدح بها ابن عبد الملك، ويهجو الحجاج بن يوسف.
وقد تكون نسبتهما الذي الرمة - هنا - خطأ من الناسخ.
موضع (اما) موضع (أو). والالقاء ارسال المعتمد إلى جهة السفل، ومثله الطرح، وضده الامساك. وقول القائل: إلق علي مسألة إلى هذا يرجع، وإنما قال " واما أن نكون نحن الملقين " ولم يقل واما أن نلقي، لأنه ليس المعنى على ليكن القاء أحدنا فقط، فيجئ على التقابل، وإنما هو.
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»
الفهرست