التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٧
الشعر الذي أنشده الفراء لا يعرف، ولا وجه له، وإنما لم يلين أبو عمرو الهمزة الساكنة على أصله في تخفيف الهمزة لان سكونه علامة للجزم، فلا يترك همزه، لان التسكين عارض وكذلك " مؤصدة " لا يترك همزه، لأنه يخرج من لغة إلى لغة.
والأخ هو من النسب بولادة الأدنى من أب أو أم أو منهما ويقال الأخ الشقيق ويسمى الصديق الأخ تشبيها بالنسيب فأما الموافق في الدين فإنه أخ بحكم الله في قوله " إنما المؤمنون أخوة " (4).
ومعنى الآية أن قوم فرعون أشاروا عليه بأن يؤخر موسى وأخاه إلى أن يرسل في بلاد مملكته حاشرين، وقال ابن عباس: هم الشرط، وقال مجاهد والسدي: يحشرون من يعلمونه من السحرة والعالمين بالسحر ليقابل بينهم وبين موسى جهلا منهم بأن ذلك ليس بسحر، ومثله في عظم الاعجاز لا تتم فيه الحيلة، لان السحر هو كل أمر يوهموه على من يراه، ولا حقيقة له، وإنما يشتبه ذلك على الجهال والأغبياء دون العقلاء المحصلين.
وقوله " يأتوك بكل ساحر عليم " (يأتوك) جزم، لأنه جواب الامر، والمعنى إن ترسل يأتوك، وحجة من قال " ساحر " قوله " ما جئتم به " السحر " 1) والفاعل من السحر ساحر، ويقويه قوله " فألقى السحرة " ساجدين " (2) والسحرة جمع ساحر، ولأنه قال " سحروا أعين الناس " (3) واسم الفاعل ساحر، ومن قرأ " سحار " فلانه وصف ب‍ (عليم)، ووصفه به يدل على تناهيه فيه وحذقه، فحسن لذلك أن يذكر بالاسم الدال على المبالغة.
والاتيان هو الانتقال إلى مطلوب، ومثله المجئ أتى يأتي إتيانا وأتي يؤتى إيتاء إذا أعطي، وإنما دخلت (كل) وهي للعموم على واحد، لأنه في معنى الجمع، كأنه قال بكل السحرة إذا أفردوا ساحرا ساحرا. والفرق بينه وبين

(4) سورة 48 الحجرات آية 10.
(1) سورة 10 يونس آية 81.
(2) سورة 26 الشعراء آية 46.
(3) سورة 7 الأعراف آية 115.
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»
الفهرست